في هذا العدد من سلسلة <<إبداعات عالميــة>> تطرح الإيطالية سوزانا تامارو قضية صراع الأجيال عن طريق رسائل تكتبها سيدة مسنة لحفيدتها.
فأثناء تجولها في منزلها، ومع وجود رياح الكارسو اللاسعة في الخارج، في بداية الخريف، قررت تلك السيدة أن تكتب خطابًا طويلاً لحفيدتها التي سافرت إلى أمريكا للدراسة وذلك خوفًا من أن تعود ولا تجدها نظرًا لإصابتها بمرض خطير.
وتحكي لها عن كل أحداث حياتها، تحكي لها من دون أن تخفي أي شيء، حتى إن بدت في ذلك كله قاسيــة وعديمة الرحمة.
تتحدث في خطابها عن طفولتها التي قضتها وسط التحفظات والاهتمام بالمظاهر، عن صعوبة عثورها على الإنسان المناسب، عن زواجها في النهاية من شخص ممل. عن العلاقة المتدهورة بينها وبين ابنتها الوحيدة التي أنجبتها نتيجة العلاقة السرية مع الرجل الوحيد الذي أحبته.
<<صوت منفرد>> هي مجموعة قصصية تتناول الخوف والقسوة والوحدة. فنحن أمام خمس شخصيات ضعيفة، ليس لديها سوى صوتها، ليس أمامها إلا أن تحكي لنا في مرثية حزينة عن قسوة الحياة. فهي غير قادرة على التمرد وابعاد الأذى عن نفسها، وليس أمامها سوى أن تئن.
تتناول المجموعة قصص نماذج العنف الواقع على الأطفال في قالب واقعي، فهو عنف نراه أحيانًا حولنا، أو ربما يتوارى عنا فلا نلمحه، ولكنه موجود، فنحن أمام طفلة تتعرض للتحرش من قبل والدها بالتبني: يقولون إن الغيلان لا وجود لها إلا في خيالنا، ولكن الحقيقة أن الغيلان موجودون بالفعل. فأبي في الصباح محامي ولكنه يتحول إلى غول في الليل. وأخرى غجرية تخلى عنها أبواها للتسول، لم تشعر بالحب قط، يخدعها شخص باسم الحب.
وأمام صبي يقضي رفض والديه لوجوده، وجوعه الشديد للحب، على حياته بل ويحوله إلى قاتل. وفي المجموعة قصتان لسيدتين، تحكي كل منهما في نهاية حياتها كيف ظلمها المجتمع وظروف الحياة.
تبرز المؤلفة أكثر المشاعر إيلامًا في النفس البشرية من خلال لغة صريحة، صادقة ومباشرة، بل واعطت مساحة كبيرة للشخصيات للتعبير عن تلك المشاعر، وعما يعتمل عادة في الصدور من أشياء نخجل منها ولا نواجهها.
إنه شدو منفرد، يبحث عمن ينصت إليه، ربما سنحت لنا الفرصة لنمد يد المساعدة، يومًا ما، لصاحبه.