عالم المعرفة سلسلة كتب ثقافية تصدر في مطلع كل شهر ميلادي، وقد صدر العدد الأول منها في شهر يناير عام 1978 .تهدف هذه السلسلة إلى تزويد القارئ بمادة جيدة من الثقافة تغطي جميع فروع المعرفة، وكذلك ربطه بأحدث التيارات الفكرية والثقافية المعاصرة.
هذا الكتاب:
استحالت جماعات صغيرة متفرقة، لا يزيد عددها مجتمعة على بضعة ملايين، يعيش بعضها في عزلة وغفلة شبه تامتين عن بعضها الآخر، ولا تستغل من طاقة الأرض ومواردها إلا ما يقيم أودها لعمرها القصير قبل نحو ستة أو سبعة آلاف سنة، إلى "قرية كونية" تجمع اليوم عبر أركان العالم الأربعة ما يزيد على ستة مليارات إنسان في اتصال وثيق وتفاعل مكثف وحركية دؤوبة، يستغلون من طاقة الأرض ومواردها ما يزيد على ثمانين ضعف ما كان أسلافهم الأوائل يستغلونه، ويتمتعون بمتوسط عمري وحالة صحية ونظام غذائي ومستوى رفاه أعلى إلى حد لا يقارن بهؤلاء الأسلاف. فكيف حدث هذا التحول الضخم في حظوظ البشر؟
يقدم كتاب "الشبكة الإنسانية" الذي ينتمي إلى مبحث التاريخ العالمي، رؤية للتاريخ الإنساني تبرز أنماط التعاون والصراع بين جماعات البشر المختلفة عبر شبكات الاتصال والتفاعل التي تشكلت بينهم قديما، وأخذت تزداد كثافة وإحكاما على مر السنين، وبفضلها انتقلت الأفكار والتقنيات والطموحات بين الجماعات البشرية، وأدمجت كل الجماعات في شبكة عالمية موحدة تمثل دوامة من الاتصال والتفاعل المتواصلين. فمن خلال الشبكات تعارف البشر وتعاونوا وتنافسوا وتصارعوا، ما أسهم في تقدم المجموع. وقد انتقل مركز الشبكة -أو الشبكات- الذي نسميه الحضارات من منطقة إلى أخرى، بدءا من ممر "النيل-السند" ومع كل انتقال، كانت الشبكة تزداد إحكاما وكثافة وتزيد المجتمع الإنساني تعقيدا -أي تحضرا- حتى وصلنا إلى الحضارة الإنسانية المعاصرة التي تعد نتاجا لإسهام كل الثقافات والأمم.
هذا الكتاب:
يضم هذا الكتاب بين دفتيه موسوعة مرجعية، أخذت على عاتقها مهمة تقديم عرض شامل وجامع للعلاقة التي ربطت ألمانيا بالمشرق العربي منذ عهد القيصر فيلهلم الثاني، وإبان الحرب العالمية الأولى، مرورا بمرحلة ما بين الحربين العالميتين، وبالموقف الألماني من تأسيس إسرائيل، وعلاقات التجاذب التي قامت بين ألمانيا والدول العربية، وحربي يونيو وأكتوبر، وانتهاء بالسياسة التي انتهجتها ألمانيا حيال الشرق الأوسط بعد توحيد الألمانيتين وحتى اليوم.
لقد تناولت العديد من الدراسات الحديثة المراحل المختلفة التي مرت بها السياسة الألمانية في الشرق الأوسط، غير أن الأمر الذي كان يفتقر إليه لإتمام حلقات هذه السلسلة هو تقديم ملخص شامل وجامع لهذه الكتب، وهذا هو بالضبط ما يضطلع به هذا الكتاب، منطلقا من أساس نتائج الأبحاث التي ضمتها دفات الكتب الحديثة التي صدرت أخيرا، ومن تحليل وتقييم الأرشيف الضخم لوزارة الخارجية الألمانية، وتقارير الدبلوماسيين في مختلف المراحل التي يستعرضها.
هذا الكتاب:
لم تتخلص الفلسفة مطلقا من تاريخها، فكثير من أخطاء الماضي لا يزال موجودا حتى اليوم، وفي هذا الكتاب يزودنا المؤلف -وهو فيلسوف بارز- بشرح لمضمون تجاربنا الإدراكية وكيفية ارتباطها بالعالم الحقيقي الذي ندركه. وخلال لك، يجادل المؤلف ضد خطأ واحد محدد يرى أنه أرهق تفكيرنا بشأن الإدراك، منذ القرن السابع عشر، ولا يزال شديد التأثير حتى الآن: وهو الفكرة القائلة إننا لا نستطيع أن ندرك مباشرة سوى تجاربنا الشخصانية الخاصة، لكننا لا نستطيع مطلقا أن ندرك الموضوعات وظروف العالم في حد ذاتها، وهي الفكرة التي يشير إليها المؤلف باسم "الحجة السيئة".
يعرف المؤلف هذه المغالطة باعتبارها مصدر الأغلبية العظمى من حالات الالتباس في تاريخ فلسفة الإدراك. ومن هذا المنظور، فالواقع الوحيد الذي يمكننا الوصول إليه هو الواقع الشخصاني لتجاربنا الخاصة، كما أن الهلوسات والتوهمات لها المكانة نفسها للمدركات في العالم الحقيقي. يجعل هذا من المستحيل الإجابة عن السؤال المحوري: كيف تحدد الطبيعة التجريبية للمدركات ما نظن أننا ندركه، أي كيف تحدد الفينومينولوجيا المضمون الإدراكي. وحتى النظريات الفلسفية عن الإدراك، والتي لا ترتكب خطأ الحجة السيئة، لا يمكنها الإجابة عن هذا السؤال. يجادل المؤلف بأننا نستطيع تجاوز الأخطاء السابقة بتقبل فكرة "الواقعية المباشرة"، وهي وجهة النظر القائلة بأننا ندرك الموضوعات والظروف بصورة مباشرة.
يوضح التفسير النظري المحوري للكتاب كيف تحدد الفينومينولوجيا الخام للتجارب الإدراكية المضمون عن طريق دمج السببية القصدية مع الخصائص الإدراكية الأساسية للعالم، والتي تسبب التجربة. يفسر المؤلف أيضا كيف تؤدي بنية التجارب الإدراكية إلى مدركات رفيعة المستوى وشديدة التعقيد، والتي ترتكز على القدرات الإدراكية الأساسية المفروضة بيولوجيا.
من خلال المناقشات المستفيضة والأسلوب الواضح، يزودنا الكتاب بإطار لفهم المشكلة الفلسفية القديمة للإدراك، ويجعل كتابات فيلسوف بارز حول هذا الموضوع البالغ الأهمية مفهومة للقارئ العادي.
هذا الكتاب:
يشير المشرق إلى الأراضي الواقعة على الشواطئ الشرقية للبحر الأبيض المتوسط، وهي تحديدا الدول الحديثة: اليونان وتركيا وسورية ولبنان وفلسطين ومصر، التي كانت من القرن السادس عشر حتى القرن العشرين، جزءا من الإمبراطورية العثمانية.
في عصر الحروب الدينية، كان هذا المشرق، وتحديدا موانئه، بوتقة للتجاور بين مختلف الأديان والأقوام، وانتصبت فيه المساجد والكنائس والمعابد جنبا إلى جنب، وتجاورت فيه اللغات والثقافات والمواريث القومية. لكن هل كان هذا المشرق فعلا جنة للتعايش بين الأديان والأقوام، كما في المخيلة المعاصرة الميالة إلى الحنين إلى الماضي وتمجيده، ونسيان أهواله وصفحاته المظلمة، وكما تصور الروايات السكندرية المشرقية العربية الكثيرة؟ وعلى نحو أوسع من ذلك السؤال، هل كان من الممكن -في هذا الجو العالمي "الجهتدي" إسلاميا و"الصليبي" مسيحيا و"الاستعماري" و"المتعالي حضاريا" أوروبيا- أن يسود تعايش حقيقي قائم على الوئام والتعارف والاحترام؟
ينتمي الكتاب الحالي إلى نوعية الكتابات التي تتباكى على المشرق الكوزموبوليتاني، ومع ذلك فإن الحقائق التاريخية التي يقدمها تنقض فكرة "جنة التعايش"، وتبرز الانفصال بين الجماعات المشرقية، وحالة الاستغلال المعمم من جانب الجاليات الأوروبية بحق الأهالي في مدن المشرق. وإن لم يكن المشرق "المتوسطي" جنة الحرية والتعايش، فإن فكرة المشرق الكوزموبوليتاني قد كسرت حدود الزمان والمكان، وشقت طريقها إلى مدن الغرب والشرق في صورة العولمة، وإن كانت المشارق الجديدة أكثر تعايشا وحرية ومساواة وعدالة، وأبعد عن الاستغلال والاحتقار الديني والقومي، على الأقل مقارنة بمشرقنا القديم.
هذا الكتاب:
يشير المشرق إلى الأراضي الواقعة على الشواطئ الشرقية للبحر الأبيض المتوسط، وهي تحديدا الدول الحديثة: اليونان وتركيا وسورية ولبنان وفلسطين ومصر، التي كانت من القرن السادس عشر حتى القرن العشرين، جزءا من الإمبراطورية العثمانية.
في عصر الحروب الدينية، كان هذا المشرق، وتحديدا موانئه، بوتقة للتجاور بين مختلف الأديان والأقوام، وانتصبت فيه المساجد والكنائس والمعابد جنبا إلى جنب، وتجاورت فيه اللغات والثقافات والمواريث القومية. لكن هل كان هذا المشرق فعلا جنة للتعايش بين الأديان والأقوام، كما في المخيلة المعاصرة الميالة إلى الحنين إلى الماضي وتمجيده، ونسيان أهواله وصفحاته المظلمة، وكما تصور الروايات السكندرية المشرقية العربية الكثيرة؟ وعلى نحو أوسع من ذلك السؤال، هل كان من الممكن -في هذا الجو العالمي "الجهتدي" إسلاميا و"الصليبي" مسيحيا و"الاستعماري" و"المتعالي حضاريا" أوروبيا- أن يسود تعايش حقيقي قائم على الوئام والتعارف والاحترام؟
ينتمي الكتاب الحالي إلى نوعية الكتابات التي تتباكى على المشرق الكوزموبوليتاني، ومع ذلك فإن الحقائق التاريخية التي يقدمها تنقض فكرة "جنة التعايش"، وتبرز الانفصال بين الجماعات المشرقية، وحالة الاستغلال المعمم من جانب الجاليات الأوروبية بحق الأهالي في مدن المشرق. وإن لم يكن المشرق "المتوسطي" جنة الحرية والتعايش، فإن فكرة المشرق الكوزموبوليتاني قد كسرت حدود الزمان والمكان، وشقت طريقها إلى مدن الغرب والشرق في صورة العولمة، وإن كانت المشارق الجديدة أكثر تعايشا وحرية ومساواة وعدالة، وأبعد عن الاستغلال والاحتقار الديني والقومي، على الأقل مقارنة بمشرقنا القديم.
هذا الكتاب:
يطرح هذا الكتاب موضوعا نادر التناول في التحليل السياسي، ويتصدى له بطريقة مباشرة وشاملة. ويتناول الكتاب معنى الخيال السياسي، وكل ما شابهه أو التبس به، ثم يبين حاجة الحاكم والمحكوم إليه، ويشرح كيف يمكن للسياسة أن تكون مجالا للخيال في توزعها بين الإيهام والإبهام والإلهام، وكيف يمكن للخيال السياسي أن ينبع من استقراء التاريخ، والوعي بالمستقبل، وبصيرة القيادة، وروح الفريق، والتفكير الجانبي والتباعدي، ونظرية المباريات، والمحاكاة، وقرائح مبدعي الأدب، واستطلاعات آراء الناس، واستعراض التجارب الناجحة ودراستها.
ويعدد الكتاب سبل تنمية الخيال السياسي وشحذه، والمعوقات التي تحول دون ذلك مثل: الاستسلام للواقع، وبلادة صناع القرار، والتحكم البيروقراطي، ونقص المعلومات والاستهانة بها، والجهل بالتاريخ، وتقديس الموروث، والتفكير بالتمني، وسطوة الأيديولوجيا. ويطرح بعدها عدة مجالات لتوظيف الخيال السياسي مثل: عبور الأزمات، وبناء الخطط والاستراتيجيات، والحرب، ومكافحة الفساد، ومواجهة الإرهاب، وتعزيز الحس الأمني، وتقدير الموقف، وتفادي سلبيات الديموغرافيا السياسية، والبحث عن المثل العليا والفضائل الاجتماعية والسياسية، وتكوين الجماعات المتخيلة أو اختراع الهويات القومية، وتوظيف "الصناعات الإبداعية" في خلق التماسك الاجتماعي وصناعة الدور. وأخيرا، يعرض نماذج تطبيقية للتخيل السياسي قدمها أفراد ومؤسسات.
هذا الكتاب:
من نحن، وكيف لنا أن ننتسب بعضنا إلى بعض؟ يدفع لوتشيانو فلوريدي، وهو من الشخصيات البارزة في الفلسفة المعاصرة، بأن الإجابة عن مثل هذه الأسئلة الإنسانية الأساسية تتغير بفعل التطورات المتلاحقة في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
نظرا إلى انهيار الحدود الفاصلة بين الحياة متصلا بشبكة حاسوبية وغير متصل بها، وأيضا لكوننا قد أصبحنا متصلين بعضنا ببعض بسلاسة تامة ومحاطين بكيانات ذكية ومتجاوبة، فنحن جميعا مندمجون في "غلاف معلوماتي (إنفوسفير)". على سبيل المثال، الشخصيات التي نتخذها في وسائط التواصل الاجتماعي تصب في عالمنا "الحقيقي" إلى حد أننا نبدأ في أن نعيش حياة دائمة الاتصال أو حياة الإنترنت Online، كما يسميها فلوريدي. هذا التحول الميتافيزيقي يمثل شيئا لا يقل عن ثورة رابعة تأتي بعد تلك الثورات التي قادها كوبرنيكوس وداروين وفرويد.
تحدد "الحياة دائمة الاتصال" وتصف طبيعة نشاطاتنا اليومية أكثر وأكثر، فهي تقرر طريقتنا في التسوق والعمل والتعلم ورعابة صحتنا والترفيه عن أنفسنا، كذلك تحدد طريقتنا في التفاعل مع عوالم القانون والتمويل والسياسة، بل وحتى الطريقة التي ندير بها الحرب. لقد أصبحت تكنولوجيا المعلومات والاتصالات تمثل القوى البيئية التي تكون وتحول واقعنا في مختلف مناحي الحياة. كيف نضمن أننا سنجني منافعها؟ ما مخاطرها المستترة؟ هل ستؤدي التقنيات الجديدة إلى مساعدتنا وزيادة مقدرتنا، أم أنها سوف تقيدنا؟ يزعم فلوريدي أننا يجب أن نتوسع في نهجنا البيئي والأخلاقي ليستوعب الحقائق، سواء كانت طبيعية أو من صنع الإنسان، وإضافة لفظ "إلكترونيا" إلى المذهب البيئي الذي يستطيع التعامل بنجاح مع التحديات الجديدة التي تفرضها علينا التكنولوجيات الرقمية ومجتمع المعلومات.
هذا الكتاب:
يستعرض هذا الكتاب اتجاهات الدراسات الأدبية المقارنة وتطبيقاتها الجديدة -في محاولتها التأسيس لواقع نظرية جديدة في هذا الحقل المعرفي- والتي انبثقت من المأزق النظري والتطبيقي الذي وصلت إليه هذه الاتجاهات مع نهايات القرن العشرين. يتناول الفصل الأول تاريخ الأدب المقارن منذ بداياته حتى اللحظة الراهنة، متقصيا الإصرار قليل التبصر والسريع في تأكيده أزمة الأدب المقارن، بل موته أيضا، الأمر الذي يحفز البحث عن فرص فريدة لإيجاد تراكيب تعاونية بين الحقول المعرفية البينية لتشكيل قاعدة جديدة لهذا الفرع المعرفي. يتواصل النقاش إلى الفصل التاسع، عبر سبعة فصول تعالج مفاهيم مثارة حاليا تعني بنظرة منهجية في تجربة القارئ والدارس المقارن. تأتي بداية نظرية العملية الأدبية البينية الناجمة عن مناقشات لثلاثة مصادر: المدرستين الفرنسية والأمريكية، والأدب المقارن بوصفه حقلا معرفيا على علاقة بالدراسة الأدبية القومية، والأدب العالمي بوصفه هدفا للأدب المقارن. وتبرز العلاقة بين الأدب المقارن ودراسات إزالة الاستعمار، خصوصا في أمريكا اللاتينية، فعلى الرغم من زوال الاستعمار بوصفه نظاما سياسيا، فإنه ما يزال طريقا نشطا للتوسع في الهيمنة عالميا. وتقدم دراسات إزالة الاستعمار إسهاما قيما في عملية التغلب على النزعة المركزية الأوروبية في حقل الأدب المقارن عبر تحديدها المفاهيم الغربية للأدب. ويتجلى مفهوم الأدب العالمي بصورة شاملة، وذلك عبر اهتمام متجدد يظهر على شكل مثال من أمثلة الأدب المقارن أو فرع معرفي جديد. وبما أن استخدام اللغة على نحو إبداعي يرتبط بالسعي الإنساني إلى الاستمرار في العيش، فإن الأدب يتحدث عن موضوعات عيشنا الإنساني عبر الزمان والمكان، أي الطريقة المثلى في الإصغاء إلى الراحلين عبر لغات وآداب قديمة، والتواصل مع عوالم تغنينا بالتجارب والأفكار. وانطلاقا من العلاقة الوثيقة بين الأدب المقارن والترجمة، تجري مناقشة آراء أهم الباحثين حول القضايا الناجمة عن حركة النصوص بين اللغتين المصدر والهدف، وذلك عبر قضايا نظرية، مثل غموض الترجمة، وتحولات العناصر الأسياسية في النصوص المترجمة، والأعمال أو المظاهر غير القابلة للترجمة. ونظرا إلى وجود إمكانية بناير تواريخ أدبية عالمية، فإن التاريخ الأدبي المقارن أصبح مجالا تجريبيا خلال العقود الثلاثة الماضية جعلته جديرا بالدراسة، بسبب علاقته البديلة مع التقييد الأنموذجي للخطوط القومية. ويستمر إسهام المحور الفني البيني في تطور الأدب المقارن منذ تأسيسه في القرن التاسع عشر. ولما كانت قضية مستقبل الأدب المقارن ضمن الظروف التاريخية للقرن الواحد والعشرين، بجوانبه الاقتصادية والاجتماعية والتقنية، هدفا أساسيا لمؤلفي الكتاب، فقد جرى التطرق إلى موضوعات تتصل بالعلاقة بين الأدب والتقنية، والصراع بين الشفافية والكتابة، وثورة الاتصالات، وصوغ المعيار الحديث، والأدب والزمن، والقراءة والتربية، والأخلاق الكونية. يشكل ذلك كله مادة غنية لكتاب واسع ولافت للنظر، بالنسبة إلى الباحث والدارس والقارئ العام في آن واحد.
هذا الكتاب:
غوغل في كل مكان. غوغل تترك بصماتها على حياتنا. غوغل تتسلل إلى خصوصياتنا. غوغل تحدد قواعد المسيرة الاقتصادية، وتؤثر في العلوم والمنجزات العلمية. غوغل تحدد، أيضا، الأجندة السياسية. غوغل قوة عظيمة، قوة عظمى. إن تاريخ البشرية لم يشهد، مطلقا، مؤسسة تمارس بمفردها الفاعلية والتأثير اللذين تمارسهما غوغل - عمليا، بلا رقابة وبلا محاسبة.
إن كل دولة ديمقراطية ترتكز على أساس ثابت. وبصفته ممثل المجتمع، والمعبر عن إرادته، يسن البرمان - المنتخب، فعلا، من قبل الشعب - القواعد المنظمة للعلاقات الاجتماعية، ويشرع القوانين، المفروض على سائر مواطني الدولة احترامها والالتزام بها.
غير أن الإنترنت ألغى حدود الدول، جعل العالم لا تحده آفاق، ليس لما فيه خير البشرية فحسب، بل الوبال عليها أيضا. وهكذا، أضحى في مستطاع غوغل أن تصول وتجول في العديد من الميادين الاقتصادية والمجالات التجارية، محتكرة لنفسها فروعا اقتصادية بكاملها، وملزمة إياها وإيانا بالانصياع لقواعد تخدم مصالحها الخاصة، أولا وأخيرا.
غني عن البيان أن الواجب يفرض على السياسة أن تتحرك. ولكن أنى لها هذا، إذا كانت شركات الإنترنت العملاقة تستطيع التملص من القواعد الوطنية والتهرب من سلطان الأجهزة الرقابية، وإذا كان تشريع منظمة الأمم المتحدة أو المنظمات الدولية الأخرى قانونا يضبط عمل شبكة الويب ويشدد الرقابة على شركات الإنترنت وهما لا جدوى منه وسرابا لا قيمة له، وذلك لأن الولايات المتحدة الأمريكية تقف بالمرصاد لكل توجه من هذا القبيل، بسبب اهتمامها بحماية الشركات الأمريكية الرائدة في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وذات الأهمية المعتبرة بالنسبة لنشاطات أجهزة التجسس الأمريكية.
لا مندوحة من الإشارة هنا إلى أن قوانين الكارتل الأمريكية أيضا لا جدوي منا، فهي لا تهدف إلى تكريس تنوع الآراء والتوجهات، ولا تحارب الاحتكارات بالنحو المطلوب. فهذه القوانين تهتم بحظر استغلال الفرص التي تنجم عن الاحتكار، وليس بحظر الاحتكار نفسه.