هذا الكتاب:
يحاول هذا الكتاب تبيان معاني النسوية وما يتصل بها من مفاهيم مثل المساواة والعدالة والتحرر، مستندا إلى فكرة التمييز بين النسوية بوصفها نظرية سياسية، وباعتبارها حركة اجتماعية - سياسية، كما يبين القضايا ذات العلاقة بتجارب النسوة وآثارها المجتمعية والسياسية. أي إنه يأخذ بالحسبان أن قضية المرأة تكاد تعني بمحورين رئيسين: يتعلق أولهما بموقف الرجل من المرأة، أي فهم الأسباب الكامنة وراء اضطهاد النساء وحرمانهن من زاوية نظر النسوية، أما ثانيهما فيتمثل في مطالب وحاجات خاصة تعتقد المرأة أنها قد استثنيت منها دون وجه حق، وهنا تجري معالجة ما تريده النسويات من وراء مساعيهن وأغراضهن سواء أكان على الصعيد النظري أم السياق العملي.
ولا شك في أن المنظورات النسوية ونضال النسويات من أجل عالم عادل ومتساو قد ألهما الحركات السياسية الأخرى تاريخيا، ولاسيما اعتقادهن أن الغاية من المساواة تتمثل في ألا تدفع النساء ثمن اختلافهن البيولوجي عن الذكور، وكأن هذا الاختلاف جرم ارتكبنه أو ذنب ينبغي عليهن التكفير عنه دوما عبر الإذعان لهيمنة الذكور. وفي غير هذا السياق، يحاول الكتاب توضيح مكانة النسوية بذاتها ومعرفة ما إذا كانت نظرية واحدة أو نظريات متعددة عبر التعمق في المعنى الخاص للنسوية وفروضها الأساسية، لينتقل في إثره إلى معالجة البنى الرئيسة وما تسعى النسوية إلى قوله فكرا والعمل به ممارسة. وهذا يتطلب بدوره قراءة موسعة في مسيرة الأفكار النسوية ومطالب النساء حتى القرن الحادي والعشرين، وكذلك ما طرحنه من حلول وآليات، لاسيما التمييز الإيجابي والكوتا النسوية بوصفها من المداخل الرئيسة لتمكين المرأة سياسيا ومعالجة ما يعترض سبيلها من حرمان وظلم اجتماعيين، مع العلم أن هذه الآليات ومعالجات أخرى يراها نقادها متعارضة مع أسس الليبرالية، وعدت هذه قضية بذاتها، وأمست محل جدل كبير بين دعاة النسوية ومعارضيها. ثم يحاول الكتاب في نهاية المطاف تقييم النظرية النسوية والمواقف الفكرية منها ومعرفة ما إذا كانت لاتزال تلهم حقل النظرية السياسية ومجالات العمل السياسي.