هذا الكتاب:
تستقي كلمة خطاب، الداخلة في بنية البلاغة الجديدة، مشروعيتها من طبيعة تصور المادة التي تعالجها، والسياق الذي تندرج فيه لأن الخطاب البلاغي المعاصر، في جميع الثقافات الحية، يتجه إلى اكتساب صيغة كلية شاملة، تغطي النص بأكمله، من منظور علمي متحرك. فبقدر ما يتولد في الخطاب الإبداعي من أنساق إنسانية وجمالية، وما تسفر عنه علوم الإنسان المتنامية من معرفة بعالمه، فإن الخطاب البلاغي لا مناص له من أن يسبح فوقها ويقتنص أشكالها.
وإذا كان تجديد المصطلحات هو الذي يعكس حركة التطور ويضبط إيقاع المعرفة فإنه أشد إلحاحا بالنسبة لأفقنا في الفكر العربي، إذ يمثل ضرورة منهجية لكسر طوق البحوث التاريخية وتأصيل أنماط العلوم التي رسختها الألسنية الشعرية والأسلوبية بما أدت إليه من تجديد مفاهيم البلاغة، حتى تقوى على التقاط الأبنية النصية وتحليلها بتقنيات محدثة.
وبهذا تتعادل بلاغة الخطاب مع علم النص لتكوين مقاربة متجددة لأجناس الخطاب الإبداعي وشروطها التداولية.