( أنطوان دوريس) بروفيسور في الفنون الجميلة بـ(ليون). قرر، بين عشيةٍ وضُحاها، أن يدع كل شيء ليصبح حارسَ قاعة في متحف (أورسيه).
ولم يعلم أحد أسباب هذه العودة إلى الوضع السابق ولا الصدمة التي كان يعاني منها. ومن أجل أن يبقى على قيد الحياة، لم يجد هذا الرجل سوى علاج واحد، هو أن يلتفت نحو الجمال. ويدرك المرء أن ولراء سره قدر آخر، هو قدر امرأة شابة تدعى (كاميليا) وقد تسلطت عليها فاجعة.
وُلد (دافيد فوينكينوس) David Foenkinos سنة 1974 في فرنسا وهو مؤلف خمس عشرة رواية، من بينها (اللطافة) La délicatesse و(الذكريات) Les souvenirs، وقد اقتبستا في السينما، و(سر هنري بيك) Le Mystère Henri Pick وقد تُترجمت كُتبُه إلى أكثر من أربعين لغة. وحازت روايتُه (شارلوت) Charlotte على جائزة (رينودو) Renaudot وجائزة (غونكور) Goncourt des Lycéens لطلبة الثانوية سنة 2014.
صورة لرحلة حياة مضنية عاشها بطل الرواية الموظف في حسابات أحد مكاتب الهندسية المعمارية والمقولات. في الأربعين من العمر انتقل خلالها من الشقاء إلى السعادة، كان إنسانًا تقليديًا جدًا في حياته، وقليل المخالطة للناس، يشعر دومًا بأنه مضطهد ومظلوم، يعمل بإخلاص وأمانة، علاقاته مع زملائه علاقة مودة ضمن إطار الرسمية. له زوجة وبنت في العشرين هجرت المنزل لتعيش مع حبيبها في شقته، وولد في الثامنة عشرة سافر في منحة دراسيـــة إلى نيويورك من غير إذن والده، يشعر في عطلة يوم الأحد بوجع شديد في أسفل الظهرفتتزاحم عليه الوساوس، ويسعى للشفاء في كل اتجاه، ويتعرض لتآمر من أحد زملائه المنافسين، فيفصل من عمله. وتدور فيه الأحداث والتجارب ليخط لنا هذه الرواية متحدثًا عما مر به بشكل سردي واقعي أقرب إلى النزعة التسجيلية. لكثرة ما حشد فيها من إشارات وتلميحات إلى أماكن وكتاب الروايات وأفلام وبرامج تلفزية. وشخصيات فنية وصروح أثرية وأنواع من العلاجات والأدوية. وطرق تعامل الأطباء مع مرضاهم. وعلى الرغم من طول الرواية لم نعرف اسم بطلها إلى درجة توهمنا بتماهي بطلها مع كاتبها (دافيد فوينكينوس) نفســه.
استطاع الكاتب دافيد فونكينوس أن يجعل من قصة بسيطة رواية ذات امتداد إنساني في معالجة الأحداث، من خلال تقنيـــات السرد العجائبيــة وتقنيـات السينماغرافيا، في طريقة متابعة الشخصيات ، وكأن القارئ يحمل كاميرا في متابعته لتحركات وانتقالات الشخصيـــات الروائية. لنجد بين الفصول واللحمة السردية أحاديث بوح ذاتية تضيف لمسة من الخيال لا يمكن تجاهلها.
<<وتخيل أن تطلب قهوة من دون كافيين، أنهض وأمضي. ليس من حق أحد أن يشرب القهوة من دون كافيين في مثل هذا النوع من المواعيد. أنه الشراب الأقل ودية مما يكون. أما الشاي فمن النادر أن يكون هو الأفضل. لقد التقيا بالكاد ومنذ الآن يقيم في نوع من الشرنقة الهشة إلى حد ما>>