هذا الكتاب:
يسعى الكتاب إلى الإجابة عن ثلاثة تساؤلات مهمة: ما الذي يؤثر في قرارات المهاجرين؟ كيف تؤثر الهجرة في الذين يبقون في الوطن؟ كيف تؤثر في السكان الأصليين للبلدان المضيفة؟ لا بد أننا أصبحنا ندرك أن الهجرة ليست ظاهرة اقتصادية فقط، بل إنها ظاهرة اجتماعية. أما إذا نظرنا إليها من منظور أكاديمي بحت، فهذا من شأنه أن يفتح صندوق "بندورا".
ومهما اختلفت الاتجاهات فلا بد من التعامل مع الهجرة كمسألة أخلاقية، ولكن من أي منظور أخلاقي ينبغي الحكم على تأثيرات الهجرة؟ الاقتصاديون لديهم وسيلة جاهزة للحكم تتمثل في مذهب المنفعة. أما ضمن إطار أخلاقيات التعامل مع الهجرة فيبدو هذا المعيار مع الأسف عاجزا عن أداء الدور المطلوب في الوقت الراهن.
يشكل الكتاب الذي بين أيدينا محاولة لتأسيس منظومة التعامل مع الهجرة تجمع بين مختلف التوجهات والاختصاصات، عبر رحلة تمتد من علم الاجتماع مرورا بفلسفة الأخلاق. ويتساءل المؤلف فيه عن السياسات المناسبة التي ينبغي اتخاذها إزاء الهجرة. إن مجرد طرح الموضوع للنقاش يتطلب درجة عالية من الشجاعة، فإذا كان هناك عش دبور حقا فهو الهجرة. وفي الوقت الذي تحظى فيه الهجرة بأقصى درجات الاهتمام من السياسيين اليوم، مع استثناءات نادرة، فإن معظم الكتابات التي تناولتها إما أن تكون ضيقة في نطاقها وذات صفة مهنية وإما تتعرض للتشذيب من خلال آراء متزمتة. لذلك يحاول المؤلف أن يكون مخلصا للقضية التي يتناولها، ويسعى إلى أن يكون الطرح قابلا للفهم من الجميع، بعد الاستغناء قدر الإمكان عن المصطلحات الفنية المتداولة في هذا الشأن.