هذا الكتاب:
يمثل كتاب "التاريخ الاجتماعي للوسائط" -بحق- رائعة في الضغط والتركيب، إذ آثر ألا يترك شيئا، ويقدم نفسه -على رغم ذلك- ككتاب جدير بالقراءة أكثر منه مراجعة متعجلة لحقل واسع، فهو كتاب شامل بمعنى الكلمة. أما أسلوب الكاتبين، فقد جاء منسجما، وجاء مدخلهما جزئيا كمدخل مرجع، وجزئيا كمدخل خطاب تاريخي متدفق. والكتاب -على ذلك- يتمتع بميزة كونه موسوعة، ولسوف يكون بهذه الصفة أداة حيوية لقراء متنوعين.
يقدم الكتاب الذي كتبه مؤرخان اجتماعيان وثقافيان بارزان مراجعة بارعة لوسائط الاتصال والسياقات الاجتماعية والثقافية التي انبثقت وتطورت عبر الزمن. وقد تعقب المؤلفان مسالك التطور المعقدة والمتعددة، مرتادين العلاقات البينية المتداخلة بين وسائط الاتصال وغيرها من جوانب الحياة الاجتماعية والثقافية.
إن هذا الكتاب هائل بالفعل في مداه، فهو يرتاد تاريخ وسائل الاتصال المختلفة في الغرب، بدءا من اختراع الطباعة إلى الإنترنت. ويتعامل مع كل العناصر المقومة لما سمي "الوسائط"، ويناقش، من بين أشياء أخرى، الأهمية المتواصلة للاتصال الشفهي والاتصال عبر المخطوطات، ونشأة الطباعة والعلاقة بين النقل المادي والاتصال الاجتماعي، وتطور الوسائط الإلكترونية. ويختتم الكتاب بعرض أشكال التقارب التي صاحبت تكنولوجيا الاتصال الرقمي، ونشأة الإنترنت وظاهرة العولمة.
وهذا الكتاب، بتجنبه الحتمية التكنولوجية، ورفضه افتراضات التقدم التطوري الخطي المستقيم، يقدم تواريخ وسائط الاتصال الثرية والمتنوعة، وسوف يكون الكتاب -على ذلك- نصا مثاليا لطلاب التاريخ والوسائط والدراسات الثقافية والصحافة، وسوف يروق الكتاب كذلك لجمهور واسع من القراء.