النشرة الثالثة


اضغط هنا لتحميلpdf النشرة الثالثة

افتتحه الأمين العام للمجلس الوطني في بهو المكتبة الوطنية
كتب وصور ووثائق 20 شخصية في معرض «مقتنيات أصحاب المكتبات الخاصة»


كامل العبدالجليل: المقتنيات تصوِّر حياة من عملوا على ترسيخ الثقافة
أبرار أحمد: الشيخة سعاد الصباح أول سيدة تُهدي مكتبتها الخاصة للمكتبة الوطنية

كتبت: سهام فتحي
افتتح الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب كامل العبدالجليل معرض «مقتنيات أصحاب المكتبات الخاصة» في بهو مكتبة الكويت الوطنية، وذلك ضمن أنشطة مهرجان القرين السادس والعشرين والذي تستمر فعالياته حتى 25 يناير الجاري.
وعبّر الأمين العام عن سعادته بافتتاح المعرض الذي يقام في مكتبة الكويت الوطنية للمرة الأولى في تاريخ مهرجانات القرين، لأنه من المعارض المتميزة المشوقة التي تقدم مجموعه كبيرة من المقتنيات التي تجسد اهتمام المكتبة واعتزازها بما تحتفظ به في قاعة المكتبات الخاصة، والتي تعد أحد أهم مرافق مكتبة الكويت الوطنية وتحتوى على ما يزيد على 75 ألف كتاب لرواد الثقافة والأدب والفكر والإعلام في دولة الكويت، وهذه المجموعة من المقتنيات النادرة والمتميزة تعكس مدى قيمتها، وتصور حياة الذين عملوا على ترسيخ الثقافة وإعلاء شأنها في مجالات الأدب والإعلام في دولة الكويت، وهناك 20 شخصية تم جمع مقتنياتهم وكتبهم ومجموعة من الوثائق الرسمية والأجهزة المستخدمة من قبل أصحابها بالإضافة إلى مجموعة من الصور النادرة التي تُعرض للباحثين والمستفيدين وعموم القراء والدارسين، بحيث تخدم الجميع وتوضح مكانتهم الكبيرة في تاريخ الكويت هؤلاء الذين قادوا مشعل الثقافة والآداب، وارتفعوا فيها بارتقاء إلى أن وصلنا إلى هذا المستوى الذي نفخر به في دولة الكويت.
مقتنيات المكتبات الخاصة
من جهتها أكدت أبرار أحمد ملك من اللجنة المنظمة لمعرض «مقتنيات أصحاب المكتبات الخاصة» أن المعرض ضم مقتنيات 20 مكتبة خاصة لشخصيات مهمة وهى تضم مجموعة ضخمة من الكتب والمقتنيات والتي تم الحصول عليها من أصحابها أو ورثتهم، كما نحرص على التعامل مع بعض أصحاب المكتبات الخاصة التي تحتوي على مقتنيات نادرة، وأشارت إلى أن اللجنة كانت تحرص على اقتناء الكتب والصحف والدوريات فقط، ثم اتفقنا على اقتناء عدد من المقتنيات الخاصة وعرضها لفترة زمنية محددة مع احتفاظ أصحاب المكتبات أو ورثتهم بحقهم في استرجاعها أو إهدائها للدولة ومكتبة الكويت، والمقتنيات تشمل الصور العملات الدروع وجوازات السفر وطوابع البريد قطع فنية وتحف وشهادات تقدير وتكريم ونظارات شخصية وبطاقات هوية ويمتاز المعرض باحتوائية على مواد جديدة ونادرة تعرض لأول مرة، وتعتبر مفيدة للغاية للطلبة والباحثين ومن يكتبون في مجال التاريخ والتراث.
وحول أهم المقتنيات التي تضمها أروقة المعرض أشارت ملك إلى الجزء الخاص بالشيخة سعاد الصباح والتي تعد أول شخصية نسائية تهدي مكتبتها الخاصة لمكتبة الكويت الوطنية، وتشمل ديوان شعر للشاعر أحمد رامي بخط يديه وعليه إهداء شخصي لها، وقصيدة «خذني إلى الفوضى والطفولة» بخط يد دكتورة سعاد الصباح، وجناح الأديب أحمد البشر الرومي والأجهزة القديمة النادرة التي كان يمتلكها، والسفير على عبدالرزاق العطار ومصحف قديم بخط اليد وشريط يحتوي زيارة سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد إلى اليمن، إضافة إلى بعض المقتنيات المتعددة والتي تشمل رسائل دكتوراه أصلية بخط اليد، وأشرطة كاسيت قديمة، ومقابلات وصورا وخطبا وكتبا نادرة للمهندس أحمد زكريا الأنصارى والشاعر أحمد مشارى العدواني، السفير أحمد محمد السقاف، والمؤرخ حمد محمد السعيدان، والأديب صالح الفهد، والوزير سليمان المطوع، والإعلامي رضا الفيلي، والشيخ عبدالرزاق البصير، ,الفلكي عبدالوهاب الجاسم، ,الوزير عبدالعزيز الصرعاوى، ,الدكتورة لطيفة الرجيب، الشاعر محمد التركيت وغيرهم.

إعداد الكتاب استغرق ثلاثة أعوام ما بين إجراء المقابلات وجمع الصور والوثائق


أنا الآن في المجلس الوطني لكن قلبي
في المكتبة وتركت فيها من لا يضيعها

عقب الغزو في العام 1990 تعرَّضت المكتبة لنهب سبعين ألف كتاب ومخطوطات ووثائق نادرة

كتب د. شريف صالح
ضمن فعالية «كتاب الشهر» استضافت المكتبة الوطنية الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب كامل العبدالجليل في حوار مفتوح حول كتابه «ذاكرة وطن» الذي يتناول نشأة مكتبة الكويت الوطنية، وذلك بحضور حشد كبير من المثقفين والشخصيات العامة.
وقال العبدالجليل إنه طبع الكتاب ونشره على نفقته لإرضاء ضميره ورد الجميل إلى المكتبة التي تولى رئاستها منذ افتتاحها قبل خمس سنوات وحتى توليه مسؤولية الأمانة العامة للمجلس قبل أشهر قليلة.
وقال: «مكتبة الكويت الوطنية لها فضل علي وأفادتني مهنيا وأنا الآن في المجلس لكن قلبي هنا في المكتبة.. والحمد لله أنني تركت فيها من لا يضيعها وأعني مديرة المكتبة الشيخة رشا نايف الجابر ومن يعاونها من أبنائي وبناتي».
كما ذكر أن عملية إعداد الكتاب استغرقت منه قرابة ثلاثة أعوام ما بين إجراء المقابلات وجمع الصور والوثائق.
وعن الأسباب التي دفعته إلى تأليف الكتاب قال: إلى جانب رد الجميل للمكتبة التي تشرف بقيادتها.. هناك الحرص على توفير مرجع للباحثين يحفظ ذاكرة الكويت خصوصا في ما يتعلق بالمكتبة وتطورها.. أما السبب الثالث فيتمثل في توزع المعلومات الخاصة بها بين مراجع ودوريات كثيرة وغياب المرجع الأساسي بشأن المكتبة، لذلك سعى إلى جمع كل ما كُتب عنها وتوثيقه.
وأشار العبدالجليل إلى أن الكتاب ينقسم إلى أربعة فصول تستقصي سيرة المكتبة منذ نحو مائة وعشرين عاما وحتى اليوم.
تناول في الفصل الأول مرحلة البدايات وتأسيس التعليم النظامي، وبزوغ حركة النهضة، وأشار إلى اجتماع عقد في ديوانية سلطان الكليب بحضور حافظ وهبة وعبدالحميد الصانع حيث اقترح وهبة إنشاء مكتبة كويتية وانضم إلى المبادرة أسماء مثل الشيخ يوسف القناعي وعبدالله خلف ووجد المشروع أرضا خصبة على رغم وجود بعض الأصوات المعترضة والمتزمتة.
وأسفر هذا الجهد عن إنشاء المكتبة الأهلية في جزء من بيت علي بن عامر في سكة عنزة بالقرب من كشك الشيخ مبارك.
وبدأت عملية التبرع بالكتب من قبل الأهالي ومعظمها كانت كتبا في التاريخ والدين واللغة العربية وبعض الصحف التي كانت ترد من بغداد والقدس والقاهرة.
ثم انتقل مقرها إلى السوق الداخلي، وفي هذا الصدد أشاد العبدالجليل بدور تجار الكويت الذين حرصوا على التبرع لها.
كما تناول في الفصل الثاني انضمام المكتبة إلى الحكومة عقب إنشاء دائرة المعارف برئاسة الشيخ عبدالله الجابر، ما وفر لها الموارد التي تحافظ على استمراريتها، وتوسع فروعها تباعا بدءا من الأحمدي.
وتناول في الفصل الثالث تأثير الغزو في المكتبة حيث قام بنهب كل ما فيها من كتب ووثائق ومخطوطات نادرة، وقال: عقب الغزو في أغسطس من العام 1990 تعرضت المكتبة لنهب أكثر من سبعين ألف كتاب، إضافة إلى مخطوطات ووثائق نادرة وأرشيف سمعي ومرئي.
وأشار إلى أنه اطلع على مقاطع مصورة لهذه الجريمة، لكنه لم يستطع توثيق صور منها تصلح للنشر في الكتاب.
ولفت إلى أن لجنة التعويضات التابعة للأمم المتحدة وضعت المكتبة الوطنية في المقدمة إلى جانب البنك المركزي.. مشيرا إلى أن الكتب المستعادة بلغت نحو 14 ألف كتاب، وهي من الكتب العامة وليست النادرة، وبعضها ممزق.
كما تطرق الأمين العام في الفصل الأخير إلى إعادة بناء المكتبة عقب التحرير وقرار المغفور له الشيخ جابر الأحمد بإنشائها وجهود المسؤولين والمثقفين آنذاك في تلك المبادرة ومنهم د. سليمان العسكري، وعبدالعزيز حسين. إلى أن رأى المشروع النور وافتتحه صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد ـ حفظه الله ورعاه ـ قبل خمس سنوات، حيث باتت تضم المكتبة ما يزيد على نصف مليون كتاب.
وأشاد العبدالجليل بدور أمناء المكتبة بدءا من محمد حسين التركيت أول أمين عام للمكتبة، والتي عمل بها صباح ومساء وحرص على نظافتها وترتيب كتبها. ولذلك سميت مكتبة بيان العامة باسمه. وكذلك دور أمين المكتبة الأسبق غازي الربيعان الذي كان شاهد عيان على ما حدث إبان الغزو.
كما تطرق إلى ما يلقيه الكتاب من ضوء على بدايات الشعراء وكذلك الخطاطون والنساخون ودورهم المهم.
ونوه الأمين العام بالجهود الأهلية الموازية مثل الجمعية الخيرية العربية التي أسسها مشعان الخضير والتي أنشأت مكتبة محدودة. وكذلك دور المرأة الكويتية ممثلة في شاهة الصقر التي تبرعت للمكتبة الأهلية بدكانين، مثلما تبرع لها المغفور له الشيخ عبدالله السالم.
وتطرق الكتاب أيضا لانتقال تبعية المكتبة ما بين دائرة المعارف ثم وزارة التربية والتعليم وصولا إلى المجلس الوطني للثقافة في نهاية الأمر قبل أربع سنوات.
وأشاد العبدالجليل بدور وزير الإعلام الأسبق الشيخ سلمان الحمود في تدشين الصرح الجديد للمكتبة والذي أقيم على نفس موقع المدرسة الأحمدية القديمة، وافتتاحها التشغيلي في أكتوبر العام 2014 بحضور عدد من وزراء الثقافة والإعلام.
وأكد على الجهد الكبير الذي قامت به المكتبة في غضون خمس سنوات ما بين توثيق واقتناء المكتبات الخاصة، وأرشفة وفهرسة أكثر من نصف مليون كتاب، إضافة إلى دخول عصر الرقمنة، ووضع قوانين حماية الملكية الفكرية وحقوق المؤلف.
ولفت إلى أن الكتاب يقدم بعض الوثائق المهمة للمرة الأولى منها «سجل الزوار» بين العامين 1947 و1952 وما كتبه المثقفون والضيوف عن الكويت آنذاك. وكذلك وثيقة خاصة بالمصاريف التشغيلية كانت مرفوعة إلى الشيخ أحمد الجابر.
وردا على سؤال يتعلق باهتمام المكتبة بالمصنفات الكويتية أكد العبدالجليل أن المكتبة مهتمة بالفعل بكل الكتب والدوريات الكويتية وحريصة على اقتنائها وفهرستها، لكنها ليست مكتبة محلية بل مكتبة عالمية تضم مختلف مصادر العلوم والآداب والمعرفة، وهذا هو دورها الحقيقي.
وعقب الندوة قام الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بتوقيع كتابه للحضور.

 


انطلاق الندوة الفكرية لمهرجان القرين الثقافي 26 برابطة الأدباء

الأدب في الكويت:
الواقع والتحديات والآفاق

كامل العبدالجليل: الكويت ستظل القلب النابض في العلم كمنارة ثقافية فنية علمية
طالب الرفاعي: بقدر انغماس الأدب الكويتي في محليته وبيئته فإنه يحمل ملامحه العربية من حيث اللغة والأسلوب والانتماء
خالد عبداللطيف رمضان: المجلس الوطني ذراع دولة الكويت في خدمة الثقافة العربية

القصة القصيرة في الكويت.. واقع وتحديات

د. فهد حسين: المنجز القصصي الخليجي ثمرة الاهتمام بالتعليم
د. سعداء الدعاس: التجربة السردية في الكويت نسجت أسماء رائدة
إستبرق أحمد: القصة القصيرة ذات لغة ودلالات

الرواية في الكويت.. الواقع والتحديات

د. فهد الهندال: الرواية التفاعلية باتت هي السائدة اليوم
د. سعاد العنزي: الكويت قدمت نماذج مبدعة في الواقع الروائي
هديل الحساوي: تحديات تواجه الكتابة الروائية لجيل الشباب
حمود الشايجي: الرواية الكويتية تعيش التجديد وعصرها الذهبي

الرواية الكويتية بين العالمية والنقد الأدبي

محمد العباس: الحضور الروائي العربي متواضع عبر منصات التتويج للجوائز العالمية
طالب الرفاعي: رواية كويتية عالمية النكهة قادرة على الوصول بالكويت إلى أبعد بكثير مما يظن البعض بالرواية
عبد الدائم السلامي: النقد يقرأ أعمال الكُتاب لكنه ينسى أن يروي حكاياتهم
سعيد بنكراد: بعض القضايا الخاصة بالسرد تمكننا من استعادة معنى حياتنا
د. شهلا العجيلي: الكاتب هو السمكة الكناسة التي تكنس الحوض لتصنع جمالها الخاص
يوسف المحيميد: الروائي يشبه قائد أوركسترا يحرِّك الفرقة بوعي ودربة نحو الجماليات التي يبحث عنها
ليلى العثمان: يا ليتني لم أنْقَد للكتابة إليها وتوجهت إلى الفن الذي أعشقه

سمير قسيمي: أنا الروائي الكذاب المحترف.
سعيد الكفراوي: أمضيت عمري مثل ناسك في محراب القصة القصيرة
د. حسن النعمي: متعة القصة أنني أرى من خلالها ما لا يراه الآخرون
المسرح في الكويت.. ماضيه وحاضره ومستقبله

السريع: المسرح الكويتي بخير وحي ولا يمكن أن يموت وينبض بالعطاء
مبارك المزعل: الكويت ولادة في القدرات والمواهب المسرحية طوال تاريخ الفن المسرحي
عبدالله التركماني: شمس المسرح في الكويت أشرقت من أبواب المسرح المدرسي في أواخر الثلاثينيات

مسرح الطفل.. وشهادات مسرحية

مفلح العدوان: شهادة الكاتب حول كتابة المسرح تبقى منقوصة ما لم يعرّج فيها على علاقته بالمخرج

أمسية شعرية تسدل الستار على ندوة القرين

مفرح والمطروشي والفيلكاوي..
ختامها شعر

كتب: حافظ الشمري ومحمد حنفي
افتتح الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب كامل العبدالجليل فعاليات الندوة الفكرية الرئيسة لمهرجان القرين الثقافي في دورته الـ 26 «الأدب في الكويت: الواقع والتحديات والآفاق»، والتي تقام في رابطة الأدباء الكويتيين، اشتمل اليوم الأول على أربع جلسات تناولت عدة جوانب من الأدب الكويتي.
بدأت فعاليات الافتتاح بالوقوف دقيقة حداد على روح سلطان سلطنة عمان الراحل قابوس بن سعيد، بعدها ألقى الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب كامل العبدالجليل كلمة الافتتاح، حيث رحب بالحضور ضيوف دولة الكويت من الشخصيات الثقافية في الوطن العربي، مؤكدا على أن الكويت ستظل القلب النابض في العلم كمنارة ثقافية فنية وعلمية، من خلال الصرح الثقافي الأول المتمثل في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، والذي يسعي إلى التعاون والتواصل بين أدباء الكويت والوطن العربي.

اهتمام الكويت بالثقافة
وأشار العبدالجليل إلى أن الندوة الفكرية التي تقام ضمن مهرجان القرين الثقافي في دورته الـ 26، تحمل مكانة كبيرة، لمناقشة قضايا الأدب في الكويت بجوانبه المختلفة في القصة والرواية والمسرح والشعر، وأكد أن مهرجان القرين الثقافي منذ انطلاقته في العام ١٩٩٤ كان ولايزال إحدى العلامات الثقافية المهمة التي تحظى باهتمام بالغ من الدولة على كل المستويات الرسمية، لافتا إلى أن الندوة الفكرية تشكل فرصة ثمينة لمناقشة القضايا الثقافية المحلية والتي تمثل رؤية جديدة يكون فيها محور الأدب مرتكزا، حيث يلتقي مباشرةً المثقفون العرب في علاقة تطور وبناء في تاريخ الأدب الكويتي الرائد في المنطقة الذي ترك إرثا زاخرا، إلى جانب تواصل الجيل الشبابي في مواصلة تلك المسيرة الثرية المشرقة عبر جيل جديد يؤدي الرسالة.
وتطرق العبدالجليل إلى أن اهتمام الدولة والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في رعاية كل مجالات الفنون والثقافة، مشيرا إلى تزايد دور النشر، ودعم واحتضان الشباب الكويتي المبدع، وفتح كل أبوابنا لتكون لهم الريادة الثقافية، مؤكدا الشراكة المثمرة مع رابطة الأدباء، ولافتا إلى أن الأدب بات اليوم يؤدي دورا بارزا في الإصلاح ومعالجة الظواهر السلبية.

 

 

القرين» فرض نفسه 


من جانبه قال الأمين العام لرابطة الأدباء الكويتيين
د. خالد عبداللطيف رمضان في كلمته إن مهرجان القرين الثقافي يُعتبر من المهرجانات العريقة في المنطقة، وقد استطاع أن يفرض نفسه على الساحة الثقافية العربية أكثر من ربع قرن، مشيرا إلى الندوة التي تستضيفها رابطة الأدباء تأتي ضمن برنامج التعاون مع المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الذي يشكل ذراع دولة الكويت في خدمة الثقافة العربية.
أما المنسق العام للندوة الأديب طالب الرفاعي فأكد في كلمة الافتتاح أن دولة الكويت بلاد العرب منذ نشأتها ولم تزل، وإذ نشهد اليوم بدء أعمال ندوة مهرجان القرين الثقافي في دورته السادسة والعشرين، والمعنوَنة بـ «الأدب في الكويت، الواقع والتحديات والطموح» فإنه لا يمكن لنا بأي شكل من الأشكال أن نتطرق إلى هذا الأدب في الشعر والقصة والرواية والمسرح والنقد من دون وصله واتصاله بالعربي، فبقدر انغماس الأدب الكويتي في محليته وبيئته فإنه يحمل ملامحه العربية من حيث اللغة والأسلوب وطرق التناول والانتماء.
وأشار الرفاعي إلى أننا نعيش عصرا، يجعل من العنف والتوحش والاقتتال والحرب والموت عنوانا يوميا بارزا له، ومثل ذلك يتخذ من التواصل الاجتماعي عبر الفضاء الافتراضي ممارسة لحظية لمختلف الأجيال، وأنه في عصر الإنترنت ومحركات البحث ومواقع التواصل الاجتماعي لا شيء يحضر كما الكلمة والجملة والعبارة وبمختلف فنون الكتابة الإبداعية.
وأنهى الرفاعي كلمته بالتأكيد على أن هذه الندوة ابتعدت عن التأريخ متخذة من الواقع منطلقا لها، ورامية إلى محاولة الإشارة لمستقبل تتمناه زاهرا وزاخرا بالإبداع الكويتي، وفي مختلف أنواع الكتابة الإبداعية، خاصة مع بروز أسماء كويتية شابة لافتة، وعلى امتداد ساحة الثقافة العربية والعالمية، وبما يثبت تميّزها ووقوفها بندية واعتزاز إلى جانب أي إنجاز إبداعي عربي آخر.

 


انطلقت فعاليات الندوة في الجلسة الأولى التي تم تخصيصها لموضوع «القصة القصيرة في الكويت.. الواقع والتحديات»،

وضمت: د. فهد حسين من مملكة البحرين، ود. سعداء الدعاس وإستبرق أحمد من الكويت، وأدار الجلسة فهد القعود.

وكانت القاصة استبرق أحمد أول المحدثين حيث أشارت إلى أن القصة القصيرة لها إمكانيات كثيرة حول تواجدها وتشابكها مع الفنون الأخرى كلغة ذات دلالات، متطرقة إلى تجربتي هبة بوخمسين ويوسف ذياب خليفة كنموذجين في القصة القصيرة.
وألقت استبرق بعض الأضواء على انتاج هبة بوخمسين القصصي حيث أشارت إلى أنها قدمت ثلاث تجارب في القصة القصيرة: «في قعر أمنية»، 2003، «ذات سكرة»، 2006، و«شغف»، 2009، ويضمُّ الجزءُ الأخيرُ منها قصصا قصيرة جدا، وأما بالنسبةِ إلى يوسف ذياب خليفة، فكانت تجرِبتُهُ عبر أول مجموعة كاملة في القصِّ القصيرِ جدا تصدر عن كاتب التحق سابقا بمنتدى المبدعين الجدد، وحملت عنوان «أفكار عارية»، صدرت عام 2007، وتوّجت بجائزة ليلى العثمان للإبداع الشبابي عام 2008، لذا كانت رؤيتُهُما حول القصِّ القصيرِ جدا، رغم تجربتِيْهما القصيرةِ في القصِّ، هي رؤيةٌ تستوعبُ هذا الفنَّ وتستنطقُهُ، متطرقة إلى التكثيف في القصة القصيرة من خلال تجربتي بوخمسين وذياب، إضافة إلى نماذج من القصص القصيرة لهما.

من الإشكاليات.. إلى التشكّلات:

قدمت رئيس قسم النقد والأدب المسرحي في المعهد العالي للفنون المسرحية د. سعداء الدعاس ورقة «من الإشكاليات.. إلى التشكّلات» قراءة نقدية لواقع القصة القصيرة في الكويت، وتناولت قراءات الواقع خلال فترة زمنية حددتها بواقع ٢٥ مجموعة قصصية لقراءة واقع القصة في الكويت، وأكدت الدعاس انها لن تستطيع تجاوز كل الوجوه التي يمتلئ بها المشهد القصصي في الإطار الجغرافي ذاته، إن أرادت أن تلتقط صورة بانورامية حقيقية للواقع».
وذكرت الدعاس أن التجربة السردية في الكويت تؤكد، ومنذ انطلاقتها الأولى، أن لفن القصة القصيرة تحديدا حكاية مستمرة تنسجها أسماء رائدة، بجانب عدة محاولات واعدة، سبقتها تجارب مهمة، ساهمت في تحديد ملامح المشهد ومعطياته، متطرقة إلى أمثلة وتجارب في المجموعات القصصية كُتبت خلال العقد الحالي، التي أعلنت عن عوالم القصة القصيرة في الكويت، لنرسم ملامحها العامة، وتحدد سماتها الخاصة.
المنجز القصصي الكويتي:
بينما تحدث د. فهد حسين من مملكة البحرين في ورقته عن «القصة النسائية الكويتية والموضوعات المطروحة»، من خلال الإشارة إلى المنجز القصصي في منطقة الخليج العربي بما فيها دولة الكويت، حيث أرجعه إلى ثمرة الاهتمام في التعليم والابتعاث خارج الحدود الجغرافية، والذي ساهم في تكوين الوعي لدى الفرد الخليجي، والإبداعات الثقافية والفكرية بما فيها القصة القصيرة.
حيث أشار إلى بروز مجاميع كثيرة تشكل حراكا ثقافيا منذ العقدين الثالث والرابع تقريبا من القرن العشرين، وفق زمنه وتاريخه ومكانه وتواصله مع الآخر، حتى تمكن الإنسان في منطقة الخليج أن يكون مثقفا متجاوزا الكثير من العقبات المجتمعية التي كانت تعترض طريقه.
ونوه حسين إلى بدايات ظهور القصة القصيرة في منطقة الخليج والتي تعود إلى حقبة الأربعينيات، مشيرا إلى تجارب القصة النسائية البارزة في الكويت مثل قصص ليلى العثمان، ود. فاطمة العلي، ومنى الشافعي، وليلى محمد صالح، وثريا البقصمي، وهبة بوخمسين، وباسمة العنزي، ومنى الشمري وغيره.

 


خصصت الجلسة الثانية من ندوة «الأدب في الكويت» لمحور الراوية الكويتية «الرواية في الكويت.. الواقع والتحديات»،

وضمت المتحدثون: فهد الهندال، ود. سعاد العنزي، هديل الحساوي، وحمود الشايجي، بينما تصدي لإدارة الجلسة الكاتب إبراهيم المليفي.

الرواية الكويتية بين الأصالة والتقليد:
تناولت د. سعاد العنزي في ورقتها «واقع الرواية الكويتية بين الأصالة والتقليدية»، حيث أشارت إلى أن الرواية أسست على جيل الرواد، إضافة إلى أن معاناة الشباب من تقليدهم، وغياب المرأة عن الرواية، وتحدثت عما أطلقت عليه «رواية الواقع» التي قصدت بها عرض الواقع الاجتماعي للمجتمع في فترة ما، في ضوء مفهوم المدرسة الواقعية بأنواعها المتعددة الواقعية الاجتماعية، الواقعية التسجيلية والواقعية النقدية والواقعية الاشتراكية، وغيرها من أنواع الواقعيات، التي أعطتها الرواية الكويتية جزءا من الاهتمام، ومدى إشباع الرواية الواقعية بحثا في الرواية الكويتية.

روايات جيل الشباب:


وتناولت هديل الحساوي في ورقتها «سلطة التلقي وفنية النص في الروايات الكويتية»، من خلال التوقف عند عينة عشوائية لروايات الجيل الحالي في الفترة بين 2018 - 2020، حيث اشارت إلى أن فن الرواية يؤكد اليوم حضورا كبيرا في العالم العربي، سواء على المستوى العام عبر القراء المتابعين لما يصدر سنويا من دور النشر المختلفة ويسوق عبر القنوات المختلفة الفعلية والإلكترونية أو المحترف من نقاد أكاديميين أو على مستوى الجوائز العربية وأيضا العالمية التي رصدت لتشجيع هذا النوع الفني مقارنة بغيرها من الفنون.

الرواية التفاعلية:


بينما بين فهد الهندال في ورقة «أدب الرواية في عصر التفاعل الاجتماعي»، الاهتمام الخليجي والعربي في الرواية التفاعلية، ووصفها بأنها تلقي جديد في الطابع أو الأسلوب من خلال العمل الروائي، لافتا إلى أن الرواية باتت اليوم سلعة بغض النظر عن جودتها، مشيرا إلى أتجاه الأديب الراحل إسماعيل فهد إسماعيل إلى جيل الشباب الذي بات منهما في قراءة كتاباته الزاخرة.
وتطرق الهندال إلى كتاب «أنماط الرواية العربية الجديدة» للكاتب شكري عزيز الذي رأى إن الرواية الجديدة تعبير فني عن حدة الأزمات المصيرية التي تواجه الإنسان، وتسعى لتأسيس ذائقة جديدة أو وعي جمالي جديد، وأن الرواية الجديدة لا تمتلك لغة واحدة، بل تشهد أحيانا تمردا على اللغة وتراكيبها المألوفة وقواعدها.

تجديد الرواية الكويتية:


أما الكاتب حمود الشايجي فأكد في ورقته أن الرواية الكويتية قامت على التجديد، وهي تعيش عصرها الذهبي لهذا الجيل، كون أن هناك عدد كبير من الروائيين الذين يمتلكون رؤية ومشاريع أدبية، وهناك قرابة عشرة مشاريع ضخمة، لافتا حديثه إلى الروايات التاريخية التي تكتب حسبما هو متاح ووفق حدود معينة، وليس ذلك بسبب الرقابة وإنما هي لطابع اجتماعي، متناولا الانفتاح الثقافي السعودي.
وتطرق الشايجي إلى أمثلة متعددة في الرواية الكويتية مثل الرواية الأولى للأديب الراحل إسماعيل فهد إسماعيل التي حملت عنوان «كانت السماء زرقاء»، بما تحمله من تجديد ومواكبة العصر، وأضاف الشايجي إلى أنه من هذا المنطلق نستطيع أن نختصر ماهية الرواية الكويتية الحديثة، بما أشار إليه صلاح عبد الصبور على إنها رواية جديدة، ومواكبة لعصرها، وقادمة من أقصى المشرق العربي، متناول الرواية الكويتية المعاصرة والجيل الحالي، وما وصلت إليه من طفرة أدبية.

 


سلطت الجلسة الثالثة من الندوة الضوء على «الرواية الكويتية والنقد الأدبي»، وتحدث فيها كل من: الناقد السعودي محمد العباس والأديب الكويتي طالب الرفاعي والأكاديمي والكاتب المغربي د. سعيد بنكراد والناقد التونسي د عبد الدائم السلامي، وأدار الجلسة الكاتب العماني محمد سيف الرحبي.
كانت البداية مع الناقد السعودي محمد العباس الذي أطلق عليها «الرواية العربية وممراتها اللغوية نحو العالمية» أشار إلى أن فوز الروائية العمانية جوخة الحارثي بجائزة المان بوكر العالمية للرواية المترجمة للعام 2019 عن روايتها «سيدات القمر»، جدد الجدل حول مفهوم الأدب العالمي وموقع الآداب الوطنية في جميع أنحاء العالم من مركزية المعيارية الغربية، باعتبارها المرجعية التي يُحتكم إليها لتقويم فكرة العالمية.
وأكد العباس أن الحضور الروائي العربي متواضع عبر منصات التتويج للجوائز العالمية، وأن مشروعية الترجمة من أجل الوصول إلى العالمية والتي وصفها بالحقيقة التي لا يتردد الروائي العربي في الإقرار بها والعمل من أجلها، أدت إلى ظهور فصيل من الروائيين العرب يعتقدون أن الكتابة مباشرة بلغة الآخر تقربهم من الجائزة بقدر ما تموضعهم في المدار العالمي.

رواية عالمية


الأديب طالب الرفاعي عاد في ورقته «الرواية الكويتية والعالمية» إلى ما قبل عقدين من الزمن، حيث لم يكن سهلا النفاذ إلى لغة أخرى، لكن وفي ظرف متحرك ومتجدد باضطراب، ووسط هيمنة كبيرة لوسائل التواصل الاجتماعي، بات أمرا هينا تواصل الإنسان مع الإنسان، وبات هينا ترجمة كل جملة وفكرة.
وأكد الرفاعي أن الترجمة تختلف عن الوصول للعالمية، وأشار إلى أن الترجمة المراد بها الانتقال إلى العالمية هي تلك الترجمة التي ينهض بها مترجم محنك، بناء على طلب من دار نشر أجنبية معروفة، لكتاب لافت في جنسه، وعامر بالقضايا الإنسانية التي يطرحها.
وأشار الرفاعي إلى أن حضور الرواية أحدث حالة متأججة من رغبة الكاتب الكويتي والعربي في إنجاز أعمال روائية متجددة، وأن هذا الحلم يأتي ملفوفا بعباءة حلم آخر وهو الحصول على جائزة، بعد أن فتحت «جائزة البوكر العربية»، الطريق الواسع أمام فكرة الترجمة.

المدينة في الرواية العربية


أما الناقد التونسي «عبد الدائم السلامي» فترك ورقته المطبوعة بكتاب الندوة والتي أطلق عليها «المدينة حـكْـيا» ليتحدث عن بعض إشكاليات المشهد النقدي العربي، فقال السلامي إن النقد يقرأ أعمال الكُتاب لكنه ينسى أن يروي حكاياتهم، كما أن النقد يستخدم لغة جامدة بما أطلق عليه «تعنيف النص» بالإضافة إلى أن الناقد العربي ينتقي أعمالا خشبية ويترك الأصيلة، مما أدى إلى نفور الجمهور من النقد.

السرد ولعبة الذاكرة


الناقد المغربي د سعيد بنكراد تناول في ورقته التي أطلق عليها «السرد ولعبة الذاكرة» بعض القضايا الخاصة بالسرد من حيث هو وسيلة مثلى تمكننا من استعادة معنى حياتنا، وحيث الهوية تعين موقعا داخل الذاكرة السردية في المقام الأول، ورأى بنكراد أن السرد هو رافعة من رافعات الحدث التاريخي، فجزء من التاريخ يبنى ضمن المحكي الذي يستعيد من خلاله المؤرخ وقائع توجه إلى بناء أحكام تستقر في المفاهيم، واقتبس مقولة الفيلسوف الفرنسي «بول ريكور»: «إن السبيل الوحيد للتعبير عن الزمن هو سبيل السرد، فلا وجود له إلا مرويا فالمحكي حارسه».


اشتملت الجلسة الرابعة من الندوة على «شهادات قصصية وروائية» لكل من الروائي السعودي يوسف المحيميد، والقاصة السورية شهلا العجيلي، والروائي الجزائري سمير قسيمي، والكاتبة الكويتية ليلى العثمان، والناقد السعودي د. حسن النعمي، والقاص المصري سعيد الكفراوي، وأدارت الجلسة الروائية اللبنانية د. لنا عبدالرحمن.
الشهادة الأولى كانت للكاتبة السورية د. شهلا العجيلي التي أكدت أن الشهادة على تجربة الكتابة ليست عوضا عن الإبداع، وإنما تلك الشهادة محاولة لتمحيص بعض الأسئلة العمدة التي صاغت نصوصها، تحدثت العجيلي عن جدها الذي أراد تعلم قيادة السيارة التي سيجوب بها حقول الرقة، والتي ستستعيرها منه في روايته الأخيرة «صيف مع العدو»، كما تحدثت العجيلي عن نشأة جدها في دولة الخلافة العثمانية، بينما كان أبناؤه من عتاة القوميين، وشارك هو وأبناؤه في مقاومة الاحتلال الفرنسي، لتدلل على ثنائية الجذور والحداثة.

موسيقى اللغة


في شهادته التي أطلق عليها «لم أكن قاسيا بما يكفي»، تساءل الروائي السعودي يوسف المحيميد ماذا تعني كتابة رواية؟ من أين تأتي الشخصيات؟ كيف يزهو المكان بتفاصيله وروائحه؟ كيف يركض الحدث كقطار مخبول، في صحراء أو في غابة، أو يتنفس بعمق في محطة توقف؟ وأجاب بأن كل هذه العناصر تقودها اللغة باقتدار، فاللغة كالموسيقى التي تستخدم أدوات متنوِّعة، مرة أداة وترية، ومرة هوائية، وثالثة إيقاعية، كذلك الروائي الذي يشبه قائد أوركسترا، يحرِّك الفرقة بوعي ودربة نحو الجماليات التي يبحث عنها، ولكن وهذا هو المهم، قبل بدء عمل هذا القائد مع فرقته، لا بد من وجود النوتة الموسيقية المكتوبة، وهي حالة البحث والتقصي بالنسبة إلى الروائي، تلك التي يجب القيام بها قبل فعل الكتابة ذاته.

نهر الكتابة لا يجف


الكاتبة الكويتية ليلى العثمان في شهادتها «الكتابة نهر لا يجف»، تحدثت عن سنوات الحياة التي تتسرب كأنها طيور... تهرب السنوات والعصافير، ولا تهرب الكتابة، وتساءلت العثمان بعد خمسين عاما من الكتابة: «هل كنت أدري إلى أين تقودني الكتابة؟» وأجابت: «أقول صدقا يا ليتني لم أنقد إليها وتوجهت إلى الفن الذي بدأت بعشقه قبل الكتابة».
لكن العثمان تحدثت في شهادتها عن قد الكتابة الذي ظل يلاحقها حتى بيت زوج فلسطيني قدر الموهبة واحتفى بها، فبدأت النشر منذ عام في الصحف المحلية والعربية، ثم بدأت بطباعة القصص في دار 1965 الآداب وغيرها من دور النشر.
وتحدثت العثمان عن تخطي عتبة الخامسة والستين من العمر: «فكرت بجدية أن أترك سيرة حياتي بين أيدي القراء وأولهم أولادي. اجتهدت أن أكتبها بالصدق ذاته الذي عودت قرائي عليه. سجلت تلك الحياة في كتابي «أنفض عني الغبار»، المنشور في دار العين.
وأنهت العثمان شهادتها: «أتساءل بهذا العمر: لمن كنا نكتب؟ وإلى متى لا يتوقف هذا النهر عن جريانه؟ هل نكتب لذاتنا لنرى وجودنا، أم نكتب لقارئ اجتهدنا أن يكون في البدء من نكتب له.

رجل الشرفة


الروائي الجزائري «سمير قسيمي» بدلا من قراءة شهادته المطبوعة في كتاب الندوة قرأ بعض السطور من روايته «سلالم ترولار»، ووصف ما كتبه في شهادته المطبوعة بالهراء، حيث قرأ فقرات من الرواية أكد أنه كان فيها صادقا مع نفسه وهو الذي يصف نفسه بالكذاب المحترف.
يقول قسيمي في فصل من روايته يحمل عنوان «الكاتب»، والتي قرأها على الجمهور: «كان رجل الشرفة كاتبا، فلم يكن أي اسم يرى أنه يصلح ليكتب على غلاف أي كتاب، يمكن أن ينشر، فقبل أعوام حين هم بنشر أول كتبه، تخير له اسما، عثر عليه بالصدفة في كتاب كان قد اشتراه من بائع كتب قديمة، كان هذا الاسم مكتوبا بقلم رصاص على صفحة بيضاء، تفصل بين فصلين منه، رن في أذنه وهو يبلل شفتيه به أول مرة، فقد بدا له أنه اسم أدبي يستحق أن يوقع به كتبه».

محراب القصة القصيرة


تناول القاص المصري سعيد الكفراوي، في شهادته، جوانب من تجربته الإبداعية حيث يشير: «آمنت طوال عمري بأن الفنون جميعا، ومن بينها الأدب، هي وسائط يحقق الإنسان من خلالها شغفه بالحياة، وبالحقائق القديمة التي لاتزال صالحة لإثارة الدهشة، وهي التي تساعده على ممارسة وجوده الإنساني».
الكفراوي تحدث عن قراءة ديكنز وجوجول وموباسان وتشيكوف وهيمنجواي ونجيب محفوظ، حيث علمته كتاباتهم أن فعل الكتابة يساعد الكاتب على امتلاك حريته، وتحقيق قدر من شوقه إلى العدل والجمال، وأنه تحت وطأة الذاكرة يستعيد تلك الطفولة التي عاشها، كما تناول نشأته في قرية من قرى الهامش، على حد وصفه، حيث الأساطير والقديم الراسخ وحكايات الجدود وسطوة السادة على الفقراء وبشر يعيشون على الستر يصنعون الحياة.

حديث الذات


أما الكاتب والناقد السعودي د. حسن النعمي فتحدث في شهادته: «حديث الذات حديث الخيال .. كلمات في تجربتي القصصية» عن قريته «قرية مندر العوص» عندما سأل أمه عن معناها فردت عليه: بما يشبه اليقين: «يا ولدي إنها مكان ولادة الشعراء»، منذ تلك اللحظة عرف نكهة القرية وتمنى لو يصبح شاعرا.
وتحدث النعمي عن الدراسة في أبها، وواقعة موت أخيه التي كانت تحولا، ثم حدث تحول آخر عندما طلب أستاذ التعبير كتابة قصة، وبعد الجامعة أصبح معيدا في قسم اللغة العربية بجامعة الملك عبدالعزيز، ثم الذهاب إلى أمريكا كمغامرة مجهولة، لكن تغلب المنطق والواقع على رغبات القاص: «كشفت لي الرحلة الدراسية التي عدت منها الجانب النص القصصي وهو النقد، فتخصصت في الأدب الروائي، ودرست السينما والفولكلور، وأخذت من المعارف ما استطعت، وعدت بعدها أمارس الكتابة نقدا وقصا، ووجدت في النقد ما لم أجده في القصة».

 

تواصلت على مسرح رابطة الأدباء الكويتيين فعاليات الندوة الرئيسية لمهرجان القرين الثقافي في دورته الـ 26 حيث شهد اليوم الثاني والأخير من الندوة أربع جلسات، تناولت الجلستان الخامسة والسادسة منها «المسرح في الكويت» بينما تم تخصيص الجلستين السابعة والثامنة لملف «الشعر في الكويت».
الجلسة الخامسة التي تناولت « المسرح في الكويت.. الواقع والتحديات والآفاق»، وشارك فيها كل من الكاتب القدير عبدالعزيز السريع، إلى جانب عبدالله التركماني، ود. مبارك المزعل، وأدار الجلسة د. محمد المهنا، بحضور الأمين العام المساعد لقطاع الثقافة في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب د. عيسى الأنصاري، ومديرة المهرجان فوزية العلي، وطالب الرفاعي منسق عام الندوات الرئيسية، وضيوف المهرجان.
في البداية تحدث الكاتب القدير عبدالعزيز السريع بورقته البحثية قائلا: «واقع المسرح في الكويت شأنه شأن حال المسرح في الوطن العربي والعالم بشكل عام»، مستذكرا حكايته جمعته بمنزله ووسط أسرته مع رئيسي جامعتي غرناطة وقرطبة، حيث كان يقوم الراحل عبدالعزيز المنصور بالترجمة، وقد سئل عن كيفية مخرجات التعليم العام، وأخبرتهم أنه دون المستوى، كما سألوني عن حال المسرح، فأخبرتهم أنه في تراجع كون العروض مقصورة على المواسم، وهناك تفاوت بين العروض المسرحية الجماهيرية والأكاديمية، فأبلغوني أن حال مسرحنا مثل حال مسرحهم».
وبين السريع أن المسرح الكويتي بخير وحي ولا يمكن أن يموت، وينبض بالعطاء، وهو حاضرا لايزال يقدم نجوما ممثلين وممثلات، وأن واقع المسرح في الكويت ذو حراك ومواكبة قياسا بالمسرح الخليجي والعربي رغم الصراعات الداخلية والتدخلات الأجنبية حول المنطقة في العراق وسورية ولبنان، لافتا إلى دور الرواد زكي طليمات وحمد الرجيب وأحمد العدواني، وتأسيس المسارح الأهلية.

مهرجانات داعمة


وأشار السريع إلى اختفاء نجوم المسرح الرواد الذين تسيدوا الساحة الفنية طويلا، مؤكدا أن الكويت تنعم في مهرجانات مسرحية رائدة وشبابية متعددة مثل مهرجان الكويت المسرحي، ومهرجان أيام المسرح للشباب، ومهرجان المونودراما وغيرها، والتي توجت ببزوغ نجوم شباب في المسرح الكويتي في التمثيل والإخراج والتأليف.
ويضيف السريع في ورقته البحثية قائلا: «إنك لو تجولت في الكويت في الفترة من العام 1950 حتى نهاية العام 1959 ستشهد بلدا حيّا وجميلا بشروطه ومظاهره البيئية المقبولة والمحترمة، وعندما تنظر لعقد الستينيات من القرن العشرين تجد أن الوضع قد اختلف وهذا هو الواقع، وقد شهدنا فيه بداية التحولات الكبرى، وكان المسرح في بداياته المبكرة قد باشر حضوره عبر المدارس وقدم عددا من العروض البهية التي استحوذت على اهتمام المشاهدين لأعمال كثيرة للرواد الأوائل.
وتناول السريع حقبة الراحل زكي طليمات الذي وضع تقريره الشهير في العام 1958 بطلب من وزارة الشؤون، حيث احتوت الوزارة فرقة المسرح الشعبي واستقدمته للعمل على تنفيذ تقريره، فأسس فرقة المسرح العربي من مجموعة من الهواة الشباب، ومن ثم تأسيس المسارح الأهلية الأخرى، وبرز نجوم كثيرون في المراحل الزمنية التالية.
وذكر السريع أن واقع المسرح في الكويت وفي كل دول العالم قديما وحديثا يواجه التحديات والصعوبات نفسها، إلى جانب أن واقع المسرح في الكويت من حيث العروض والجمهور والممارسين من الفنانين والفرق يعيش حالة مد وجزر شأنه شأن المسرح في الوطن العربي، متناولا إحصائيات عن حال المسرح في الكويت في الستينيات من القرن الماضي ثم السبعينيات من القرن نفسه ثم ما بعد الغزو مرورا عابرا بالثمانينيات، حيث تفيد الإحصائيات بأن الحركة المسرحية في الكويت قدمت منذ العام 1961 حتى نهاية العام 1969 أكثر من خمسمائة ليلة عرض لـ 57 مسرحية للفرق الأهلية، وفي الأعوام من 1971 حتى نهاية العام 1979 قدمت الفرق المسرحية الأهلية الأربع فقط 621 ليلة عرض
لـ 66 مسرحية بينها 19 مسرحية، وفي مرحلة الثمانينيات قُدمت أعمال أخرى لعدد كبير من كبار الفنانين وبروز كثير من النجوم في المسرح.

الكويت ولادة


وتحدث د. مبارك المزعل في ورقته البحثية عن محور من منظور الإخراج المسرحي عند الشباب في المعهد العالي للفنون المسرحية، لافتا إلى أن الكويت ولادة في القدرات والمواهب المسرحية طوال تاريخ الفن المسرحي الكويتي، وأن هناك مخرجين تعدوا حدود الوطن نحو العالمية مثل المخرجين سليمان البسام، وفيصل العميري، متناولا معاناة الواقع الاخراجي، إلى جانب هموم المسرح المتعددة في الكويت.
وتناول المزعل نبذة عن تاريخ المسرح في دولة الكويت، والتي انطلقت في الخمسينيات، وكانت تتشابه مع بداياته في الوطن العربي، مشيرا إلى ريادة المسرح الكويتي في منطقة الخليج العربي، حيث إن الحركة المسرحية في الكويت هي الأقدم في الخليج العربي، إذ ترجع البدايات إلى عام 1922، عندما قدم أول عرض مسرحي كويتي ضمن احتفالات المدرسة المباركية في نهاية العام الدراسي.
وذكر المزعل أن تاريخ المسرح في الكويت بدأ من دور الراحل زكي طليمات، مرورا بالراحل صقر الرشود، ودخول العنصر النسائي الكويتي للمسرح، وبروز كتاب المسرح، وحقبة السبعينيات، ودور الراحل فؤاد الشطي، إضافة إلى دور العروض المسرحية المرتجلة، متناولا المسرح الكويتي في الوقت الراهن بعد ظهور عدة فرق مسرحية جديدة، مشيرا إلى أن المسرح الكويتي يمر الآن بالحركة على مدار العام.
وطرح المزعل عددا من التوصيات من بينها دعم الدولة عروض الشباب المسرحية، وإشهار أكثر من فرقة مسرحية من قبل وزارة الشؤون، وتسهيل المهمات الخارجية للفنانين والفنيين وإزالة كافة العقبات، وإرسال الشباب المسرحي المتميز لبعثات خارجية لاكتساب الخبرات.

إنتاج وزخم


وتحدث عبدالله التركماني في ورقة بحثية من إشراف ومراجعة د. حبيبة العبدالله، حيث تناول التركماني الهموم والمعاناة التي يعيشها واقع المسرح الكويتي، الذي يعاني عدم التوثيق والرصد رغم جهود محاولات بعض الباحثين، ونحن نحتاج الثقة والدعم من الجهات الثقافية في الدولة، لافتا إلى أن المسرح الكويتي يعمل بفعالية وحراك طوال السنة ولا يتوقف، وفيه إنتاج وزخم، مستشهدا بمسرح طارق العلي الجماهيري الذي يحقق المعادلة الصعبة رغم اختلافنا في المحتوى الذي يقدمه، مشددا على أهمية طرح أرشيف حقيقي متكامل للمسرح الكويتي، كون الكويت لا يوجد فيها كتب مسرحية فهي قليلة جدا قياسا إلى التجربة المسرحية الرائدة.

المسرح المدرسي


وأضاف التركماني: «أن شمس المسرح في الكويت قد أشرقت من أبواب المسرح المدرسي في أواخر الثلاثينيات، حيث كانت معظم تلك المسرحيات يشرف عليها المعلمون من حيث التمثيل والإخراج واختيار المواضيع المطروحة التي كان معظمها يتناول تاريخنا العربي والإسلامي، وتعد مسرحية «إسلام عمر» الوحيدة التي وثقت بالكتب والمراجع، مما دفع بعض المؤرخين إلى تصنيفها كأول مسرحية كويتية، بعدها ظهر المسرح المرتجل، وبرز دور مسرح الكشاف الوطني، لافتا إلى تراجع المسرح الكويتي في ظل غياب وتوقف المسرح المدرسي تماما عن المشهد، إلى جانب ظهور المسرح الجامعي، والدور الأكاديمي للمعهد العالي للفنون المسرحية، إلى جانب عوائق المباني المسرحية المتهالكة التي يواجهها الفنان المسرحي، ودعم الشباب المسرحي، وبروز فنانين مسرحيين امتلكوا قواعد جاهيرية في السنوات الأخيرة.

عروض مخجلة


تخللت الندوة عدة مداخلات من ضيوف دولة الكويت لمهرجان القرين الثقافي من الشخصيات المسرحية الخليجية والعربية، بينهم محمد العباس من المملكة العربية السعودية الذي تطرق إلى مسرح التهريج التجاري في الكويت، كما تحدث الأديب طالب الرفاعي عن المسرح في الكويت الذي تراجع بعد منتصف الثمانينيات، فالمسرح بات مختلفا تماما عن السابق، حيث نشاهد عروضا مسرحية نخجل منها، والتي تحمل الاستهزاء بالإنسان والشعوب، لافتا إلى أن الشراكة في معاناة وهموم المسرح يجب أن تكون مشتركة بين المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، والقائمين على المسارح الأهلية.

 


تناولت الجلسة السادسة «مسرح الطفل.. شهادات مسرحية»، وشارك فيها مفلح العدوان من المملكة الأردنية الهاشمية، وغاب عنها الفنانون سعد الفرج وعبد الرحمن العقل ومحمد الحملي، وأدارها د. بدر الدلح، بحضور الأمين العام المساعد لقطاع الثقافة د. عيسى الأنصاري، ومديرة المهرجان فوزية العلي، وضيوف دولة الكويت من الشخصيات الثقافية والمسرحية الخليجية والعربية، وعدد من فناني ومثقفي الكويت بينهم أمين عام رابطة الأدباء د. خالد عبد اللطيف رمضان.
وتحدث مفلح العدوان عبر أسلوب روائي وقصصي، متناولا تجربته الروائية والقصصية والمسرحية، متطرقا إلى محور بعنوان «الترحال من سجادة القصة إلى معبد المسرح»، فقال إن الكتابة في القصة هي أول الفرح، وقد كانت تأتي من وحي الصحراء، وكانت تحمل في إهابها ذلك الموروث الذي أستنبطه من الرؤى القديمة التي شكلت في الوجدان والفكر إطلالة أخرى على عالم حولي، وفي عمقي، وشكلت تماهيا مع واقع هو رغم كل تحولاته ينهل من هذا العمق الأكثر رسوخا والذي انعكس على كل مسميات العالم الحديث، ومن هناك من عتبة القصة، كانت الرحلة نحو المسرح.
وتناول المفلح تجربته في أول أعماله المسرحية للطفل «ظلال القرى» التي كانت ضمن مجموعته القصصية «الرحى»، والمسرحية كانت أجواؤها أسطورية، التي حملت رسالة سياسية، واجتماعية، وثقافية.
وتطرق المفلح إلى مسرحيات أخرى مثل مسرحية المونودراما «آدم وحيدا»، و«عشيات حلم»، لافتا إلى أن شهادة الكاتب حول كتابة المسرح تبقى منقوصة ما لم يعرّج فيها على علاقته بالمخرج، وربما بآخرين مؤثرين في تحفيزه للكتابة، قبل فعل الإبداع المسرحي نصا، وبالتزامن مع حالة الكتابة، وأيضا ما بعد كتابة النص، وأنه مع الورشة الدائمة عند كتابة المسرح، بشرط وجود حد أدنى من الانسجام بين وعي المؤلف ووعي المخرج.

حراك متواصل


شهدت الندوة عددا من مداخلات ضيوف المهرجان من الشخصيات الخليجية والعربية، وتساءل الأديب طالب الرفاعي عن حال المسرح الأردني، وأجابه المفلح قائلا: «حالنا في المسرح في الأردن مثل حال المسارح العربية، هناك تكامل وهو غير منفصل، وهناك حراك مسرحي مستمر، ومهرجانات متواصلة».

نصوص داعمة


فيما تحدث الأمين العام المساعد لقطاع الثقافة في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب د. عيسى الأنصاري عن ماهية النصوص في المسرح الأردني وأثرها في الحراك الثقافي، ورد المفلح فقال إن النصوص المسرحية الأردنية كانت ولاتزال داعمة لعطاء الساحة الفنية.

مسرح ذو مسؤولية


وقدم عبدالله التركماني سؤالا عن عدم نضج التجربة المسرحية الأردنية لمسرح الطفل ووصوله للانتشار المطلوب عربيا، فأجابه المفلح قائلا: أنا رغم تجاربي الكثيرة في المسرح، لكنني لا أجرؤ على الكتابة لمسرح الطفل في الوقت الراهن، وهو بحاجة إلى مسؤولية وحساسية.

شهادات التقدير


وفي الختام قام الأمين العام المساعد لقطاع الثقافة في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب د. عيسى الأنصاري بتوزيع شهادات التقدير على المشاركين في الندوات الفكرية تكريما لإسهاماتهم وحضورهم، وهم مفلح العدوان، ومبارك المزعل، وسمير الحسيني، وعبدالله التركماني، ومحمد المهنا، وفهد حسين، وإيمان اليوسف، وشهلة العجيلي، وسعيد الكفراوي، وحسن النعمي، وكلثم عبدالرحمن، وحسن المطروشي، وسعيد بنكراد، وعبدالدايم السلامي، ومحمد العباس، وبدر الدلح، كما تم تكريم الأديب طالب الرفاعي منسق عام الندوات الفكرية.

 


تم تخصيص الجلسة السابعة من الندوة لملف «الشعر في الكويت.. الواقع والتحديات»، وضمت الشعراء الحارث الخراز، وعبد الله الفيلكاوي، وسعدية مفرح، وأدارت الجلسة إيمان اليوسف من الإمارات، وسلط المتحدثون بعض الأضواء على نشأة الشعر في الكويت وبعض المحطات الفارقة في تاريخه.
كانت بداية الجلسة مع الشاعر الحارث الخراز الذي أورد في ورقته «الشعر في الكويت» مجموعة من الملاحظات أهمها لم يكن للكويت قبل نزوح عبدالجليل الطباطبائي إليها واستقراره فيها نتاج من الشعر التقليدي فقد راح شعراؤها في هذه الفترة المبكرة من تاريخهم يعبرون عن مشاكلهم وقضايا مجتمعهم في شعر عامي، وقسم الخراز المراحل التي تطور إليها الشعر الكويتي إلى ثلاث مراحل: الأولى مرحلة إحياء الشعر التقليدي، والثانية تشمل شعر الوجدان الفردي والاجتماعي، وقد تميزت بكثرة الشعراء وتنوع النغم الشعري، والثالثة جاءت نتيجة طبيعية لما أحس به الشعراء الكويتيون بأنهم أسرفوا في الحديث عن أنفسهم وبالغوا في تصوير عواطفهم.
وقدم الخراز في ورقته نماذج من الشعر في الكويت لدى مجموعة من أبرز الشعراء مثل عبد الجليل الطباطبائي الذي اعتبره الخراز رائد حركة الاحياء الشعري في الكويت رغم أن الفترة التي أمضاها بالكويت لم تتجاوز عشر سنوات، وأورد مجموعة من ابياته المختلفة مثل قوله في الأخلاق:
إن الهوى يفسد العقل السليم ومن
يعصي الهوى عاش في أمنٍ من الضررِ
كما تحدث عن الشاعر صقر الشبيب باعتباره أحد رواد الشعر التقليدي، وكان يحب حرية الرأي مما دفعه للاصطدام بعلماء الكويت ولزم بيته، كما يقول في شعره
أظلتني بشَرقي الكويتِ خطوبٌ ألزمتني عقر بيتي
كما ألقت ورقة الخراز بعض الأضواء على رحلة الشاعر فهد العسكر حيث اعتبره الخراز رائد المدرسة الوجدانية في الشعر الكويتي، وقد طبعت حياته المأساوية شعره بطابع الشكوى التي لا تفارق أشعاره إلا نادرا، ونجد قصائده عبارة عن مرايا انعكست فيها ظروفه كما يقول في مطلع قصيدته الشهيرة:
كفي الملام وعلليني فالشك أودى باليقينِ
وأخيرا توقف الخراز عند الشاعر محمد الفايز أحد شعراء شعر التفعيلة وصاحب ديوان «مذكرات بحار»، وتناول في شعره هموم أبناء وطنه، وكانت أبرز قضايا شعره تلك التي ينبذ فيها الحرب ويدعو الى السلام كما يقول شعرا:
من يوقف الحرب التي تدور
من يطرد الشرور
جنة فاجأها العالم في حديده المسحور
من يطفئ الحريق

القصيدة القديمة والجديدة


الشاعرة سعدية مفرح قالت في ورقتها «شراكة في هموم القصيدة» التي وصفتها بأنها أقرب إلى شهادة شعرية: «أغير رأيي دائما في كل ما يخص ماهية الشعر. كل الأسئلة التي تتعلق بتلك الماهية يمكنني أن أخترع لها عشرات الإجابات التي قد تناقض بعضها مع بعض أحيانا. أفعل ذلك بلا تردد لأنني أفعله بلا تخطيط. ولا شيء يمكن أن يفسد الشعر أو أي شيء يتعلق به كما يفعل التخطيط. الشعر دهشة والدهشة بنت العفوية، والعفوية هي أرض الارتجال. لا أعني أن الشعر ارتجال دائما ولكنني أعني أنه يبدأ هكذا دائما قبل أن تمسه يد النحت بأزميلها!
وأكدت مفرح أنه لا مستقر للشاعر الذي عليه أن يعيش دائما على خط الشك والريبة في كل ما يكتبه ويجترحه من قصيد!، وتحدثت عن بداياتها الشعرية فقالت: «في بدايات رحلتي المبكرة مع القصيدة قراءة وكتابة ونقدا، تلقيا واجتراحا، لطالما أثار إعجابي، وفيما بعد حيرتي، أولئك الشعراء الذين لا يجدون غضاضة في تقديم أنفسهم للآخرين بصفتهم شعراء! حاولت تقليدهم في فترة من فترات حياتي الملأى بالشعر والقصائد، عندما كنت لا أكاد أكتب سوى ما هو بين الوزن والقافية، لكنني فشلت فشلا ذريعا، وعدت إلى نقطة الصفر الأولى؛ أن يكون الشعر مجرد كتابة تشكك في كل شيء مستقر في ذهنك، وأن تكون القصيدة حيرة أبدية لا تبدأ بكتابتها ولن تنتهي بعد النشر مثلا، وأن تشعر بالخجل أحيانا وأنت تحاول أن تتقدم الصفوف، أي صفوف، أو تعتلي المنابر أي منابر، أو تحتل المنصات، أي منصات، متأبطا قصيدتك وحدها، فالقصيدة التي كنت قد كتبتها كما تتنفس هواءك المتاح لتستمر في الحياة ليست هوية ولا تذكرة مرور ولا جواز سفر... إنها قد تحقق لك كل ما تحققه هذه الأشياء فعلا بشكل غير مقصود لكن هذه بالتأكيد ليست وظيفتها ولا ينبغي أن تكون لها وظيفة.
وتساءلت مفرح: هل يكون الشاعر شاعرا من دون أن يعترف هو نفسه بشاعريته قبل أن يطلب ذلك من الآخرين؟ هل ينبغي له أن يعيش ذلك اليقين؟ وأن يكون متأكدا من كل ما يكتب من قصائد؟ وأن يدونها على الورق كما يدون تفاصيل فواتيره أو أرقام ميزانيته الشخصية مع بداية كل شهر مثلا؟ هل يشعر بطمأنينة حقيقية وهو يعيش كتابته الشعرية كما لو أنه يكتب واجبا مدرسيا؟
وأنهت مفرح ورقتها بأن أولئك النفر من الشعراء الواثقين من أنفسهم يجوز حتى أنهم يكتبون صفتهم الشعرية في بطاقات التعريف الصغيرة ويقدمونها لمن لا يعرفهم بكل فخر. نحن شعراء! بهذه الصفة يواجهون الآخرين ويتخذونها درعا للحماية من ظنونهم فيما يكتبون.

تحديات الشعر والشعراء


قدم الشاعر عبد الله الفيلكاوي في ورقته بعض التحديات التي تواجه الشعر في الكويت للوصول إلى آفاق بعيدة، حيث تساءل أولا: ما هو الشعر؟ وأجاب بأن الأقسام هي التي فرضها الواقع «قديم وحديث، كلاسيك، حداثي، عامودي وتفعيلة ونثر... إلخ» وندع هذا الأمر للانتخاب الطبيعي وترك نهر الشعر يلفظ زبده ويجري بصفائه مع تراكمات الزمن.
كما طالب في ورقته بخلق أجواء شعرية أدبية تساعد على الانتخاب الطبيعي لاختيار صفوة شعراء الكويت.
ومن بين التحديات التي أشار لها الفيلكاوي غياب الناقد أو غياب أثره، كما تساءل عن الخلل الذي أوجد جيلا غير قادر على تحليل النص الشعري واستيعابه مما ترتب عليه انحصار الشعر في طبقة الخاصة، وأخيرا طالب بأن يتناول الشعر قضايا الأمة العربية والإسلامية بجدية، حيث رأى أن عدم الخوض في القضايا المصيرية المهمة التي تهم الناس ينقل الشعر إلى كونه مجرد متعة، لذلك يشيع الشعر الغزلي والهزلي وتغيب فيه القضية. وتقدم الفليكاوي باقتراح للمجلس الوطني بوجود منبر أو مهرجان للشعر على غرار مهرجانات الشعر في الدول الخليجية المجاورة.

مداخلات


عقب حديث الشعراء الثلاثة دار نقاش حول العديد من جوانب الشعر، حيث قال د. فهد حسين إنه كان يريد أن يسلط الشعراء الثلاثة الضوء على الشعر في الكويت وكيف نشأ وإلى أين وصل في اللحظة الراهنة، بينما أشارت الكاتبة هديل الحساوي إلى سطوة مواقع التواصل الاجتماعي على الشعر وأن ندوة الرواية سبق أن أشارت إلى التأثير نفسه.
بينما تمنى منسق الندوة طالب الرفاعي في مداخلته لو سمع عن واقع الشعر في الكويت وخاصة الجيل الشاب من الشعراء، وطلب الرفاعي من الفيلكاوي تقديم اقتراحه للمجلس مكتوبا للبت فيه، أما المترجمة إيمان اسعد فقالت إن الشعر العربي في الغرب لا يبدو بهذه الصورة المتشائمة محليا، وأن الشعر العربي عليه إقبال في الغرب لترجمته.
وردت سعدية مفرح على المداخلات بأن عنوان الجلسة «الشعر في الكويت» يحتاج إلى عدة ندوات وليس لجلسة واحدة، وأن الأمر يحتاج إلى وقت كاف للحديث عنه وليس في 10 دقائق، بينما طالب عبدالله الفيلكاوي بمراجعة الثوابت النقدية التي تحاول النيل من الشعر، فيما أكد الخراز أن الشعر له وجود كبير على مواقع التواصل لان اللحظة التي نعيشها حاليا هي عصر التواصل الاجتماعي حيث السرعة والتركيز.

 

أسدل الستار على الندوة الرئيسية لمهرجان القرين الثقافي 26 بأمسية شعرية ضمت ثلاثة شعراء هم: الشاعر العماني حسن المطروشي، ومن الكويت الشاعر علي الفيلكاوي والشاعرة سعدية مفرح التي حلت محل الشاعرة السعودية أشجان الهندي التي تغيبت في اللحظات الأخيرة مع الشاعر المغربي مراد القادري ، وألقى الشعراء الثلاثة في الأمسية التي أدارتها الناقدة القطرية كلثم عبد الرحمن مجموعة متنوعة من القصائد.
كانت البداية مع الشاعر العماني حسن المطروشي الفائز بجائزة «توليولا الإيطالية» للشعر العالمي، في دورتها الخامسة والعشرين، حيث ألقى مجموعة من القصائد التي تنوعت بين الغزل والقصائد التي تحمل حسا صوفيا ومنها قصيدة السرير التي تحمل رمزية عالية يقول فيها:
وفي البَدْءِ كان السريرْ
جَرَتْ عادتي:
حِينَ أُولَدُ أمشي
وحِين أموُت أطيرْ
جَرَتْ عادتي:
ألوان
أما الشاعر علي الفيلكاوي فقد ألقى مجموعة متنوعة من القصائد الطويلة والقصيدة القصيرة جدا، يتأرجح فيها بين الوجود والعدم، مثل قصيدة «ألوان» التي يقول فيها:
مشيتك تخض الأمكنة
وتصب كل لون في خانة اللون الذي يليه
تدوخ الملامح
وتهرب الأسماك
في الشوارع التي تسربت
إلى أبنية الساحل
وفي ممرات العشاق الناتئة
تجلسين مثل موجة
كأنك لم تغرقي للتو مدينة بأكملها

الولد الذكي
الشاعرة سعدية مفرح حملت ديوانها الأول «آخر الحالمين كان» الذي أصدرته منذ 3 عاما والذي تمت استعارته من مكتبة رابطة الأدباء كونها لم تكن من بين شعراء الأمسية لكنها وافقت على إلقاء مجموعة من القصائد من الديوان، وألقت مفرح قصيدة كانت قد أهدتها إلى الروائي الراحل ناصر الظفيري يوم كان يفكر في الرحيل من الكويت وأقنعته القصيدة بالبقاء:
لماذا يترك الولد الذكي
بلاده
نحو الغواية
والنوى
وفنادق الغرباء
والليل الطويل
ورداءة الطقس
والجوى
ومساحة بوسع القلب
للبوح النبيل؟

موسيقى النوى
كما ألقت قصيدة «موسيقى النوى» وهي في ذكري رحيل الأم، حيث تأتي ابياتها مفعمة بالحزن واللوعة والحزن النبيل، حيث ترك رحيل الأم رجفة وطيف أغنية. تقول سعدية مفرح من أجواء القصيدة:
بعد الكلام وبعدي حين أرتجفُ
بأي معنى له في الروح..
ألتحفُ..
لا يهدأ القلبُ إن صرنا له حلما
ولا الصبابةُ تدنو..
حين نعترفُ.
****
ما زلت أرتجف
مذ غادرتني وراحت
طيفَ أغنيةٍ
تجري بها الريح إذ تجري ولا تقفُ
مذ أيقظتني ونامت.

 

 

مقتنياتُه تمتد من العصور الحجرية إلى العصر الإسلامي

معرض آثار دول الخليج.. وحدة تاريخية وحضارية وتنوع ثقافي

د. تهاني العدواني: المعرض يزخز بمكتشفات أثرية تمثل العمق التاريخي بين دول الخليج

الدويش: منطقة الخليج العربي لها تاريخ مشترك
فرحان الفرحان: المعرض يُعيد اللحمة بين دول الخليج

كتبت: شهد كمال
افتتحت الأمين العام المساعد للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب د. تهاني العدواني، ضمن فعاليات مهرجان القرين الثقافي، «المعرض الدوري المشترك السادس لآثار دول مجلس التعاون الخليجي»، وذلك مساء الأربعاء الماضي في متحف الكويت الوطني.
وأكدت د. العدواني أن المعرض يزخز بمكتشفات أثرية تمثل العمق التاريخي بين دول المجلس.
وأضافت: «إن هذا المعرض يقام بشكل دوري في دول المجلس ويؤكد على الوحدة التاريخية والحضارية والتنوع الثقافي بين دول المنطقة».
من جانبه، قال مدير إدارة الآثار والمتاحف في المجلس د. سلطان الدويش: «إن المعرض الذي يستمر شهرا يتناول المكتشفات الأثرية في دول مجلس التعاون الخليجي منذ العصور الحجرية حتى العصر الإسلامي ضمن أربع مجاميع زمنية ومن خلال ست محطات وهي دول المجلس«.
وقال إن هذا المعرض طاف دول المجلس لتكون محطته الأخيرة في الكويت ضمن فعاليات مهرجان القرين الثقافي بدورته الـ 26، وقال: إن منطقة الخليج العربي لها تاريخ مشترك ولشعبها آمال وطموحات واحدة، وبيّن أن المعرض يعرض آثارا مكتشفة في دول مجلس التعاون من العصر الحجري والبرونزي والحديدي والعصر الإسلامي.
من جهته عبَّر المؤرخ فرحان الفرحان عن سعادته بهذا المعرض الذي يعرض نماذج من الآثار الموجودة في دول مجلس التعاون والذي يعرض حضارة الأمة العربية.
وقال: إن هذا المعرض يُعيد اللحمة بين دول المجلس خاصة في هذا اللقاء التاريخي والجغرافي والأثري.
وكانت المحطة الأولى للمعرض في الإمارات العربية المتحدة بعنوان «المعرض الدوري المشترك الأول للآثار بدول مجلس التعاون الخليجي» في العام 2006 بينما كانت المحطة الثانية في السعودية بعنوان «وحدة حضارية وتنوع ثقافي» في العام 2009.
أما المحطة الثالثة فكانت في قطر بعنوان «تراث بلا حدود» في العام 2011، وكانت المحطة الرابعة في البحرين بعنوان «التطور المدني في الجزيرة العربية عبر العصور - تنوع ووحدة حضارية» في العام 2013.
واستضافت سلطنة عمان المعرض في العام 2015، فكانت محطته الخامسة بعنوان «الخليج العربي وحدة حضارية عبر العصور».
وتمثل منظومة دول مجلس التعاون الخليجي وحدة جغرافية وحضارية واحدة، وازدادت هذه الوحدة الحضارية رسوخا نتيجة لعوامل مشتركة تمثلت في الدين واللغة والتاريخ المشترك، فقد احتلت منطقة الخليج العربي مكانا بين حضارات الشرق الأدنى القديم حيث تقاسمت هذه الدول ممرا بحريا يعتبر من أهم شرايين التجارة العالمية القديمة بين حضارات الصين وبلاد السند شرقا وبلاد الرافدين والشام شمالا وصولا إلى البحر الأبيض المتوسط ومصر.
وبدأت فكرة هذه المعارض المشتركة في عقد الثمانينيات من القرن الماضي، حيث عقد لأول مرة معرض خليجي مشترك في دولة الكويت في العام 1984، وأقيم بعدها عدد من المعارض المشتركة، ولكنها توقفت في نهاية عقد الثمانينيات، واستأنفت هذه المعارض مجددا في الألفية الميلادية الثانية، وكانت الفكرة أن يزور هذا المعرض جميع دول المجلس وفق التسلسل الأبجدي حتى ينتفع به الباحثون والمهتمون ويستفيد منه أبناء الخليج العربي في التعرف على تاريخهم المشترك. وأثبتت الدراسات الآثارية أن تاريخ الوجود البشري في منطقة شبه الجزيرة العربية يعود إلى فترة مبكرة من العصر الحجري القديم، حيث ساعدت الظروف المناخية على وجود تجمعات بشرية في مناطق عدة من أرجاء شبه الجزيرة العربية مثل جبل غاية وفيلي وجبل براكة بالإمارات العربية المتحدة، وداخل شبه الجزيرة العربية كوادي فاطمة بمكة المكرمة، وموقع سكاكا ووادي الشويحطية الذي عثر فيه على أدوات حجرية بدائية جدا في تشذيبها، مما قد يثبت صلتها بالمواقع التي اكتشفت فيها بقايا الإنسان الأول بشرق أفريقيا، منها فؤوس أشولية وسواطير حجرية مصنعة من الحجارة البركانية وهي ثقافة تصنيع أولدوانية، وانتشرت الصناعات الموستيرية في أنحاء شبه الجزيرة العربية، وهي إحدى ثقافات العصر الحجري القديم الأوسط، ومن بين المواقع المهمة العائدة إلى العصر الحجري القديم موقع وادي عيبوت في عُمان وفي موقع أم طاقة في قطر، كما عثر على العديد من المواقع في الأجزاء الشمالية والشمالية الغربية والمنطقة الوسطى والمنطقة الجنوبية الغربية من شبه الجزيرة العربية، وفي المنطقة الشرقية حول واحة يبرين وموقع بئر حما جنوب شبه الجزيرة العربية، وقد ربط هذا الموقع بهجرات الإنسان الأول من شرق أفريقيا إلى شبه الجزيرة العربية، وتشير الأدلة الأثرية إلى أن الإنسان في الألفية السادسة قبل الميلاد اتجه إلى الاستقرار في المناطق المستوية، فأقام العديد من المستوطنات البدائية على السواحل والجزر وحول الواحات ومصادر المياه لأنها توفر له مقومات الحياة، وقد مارس سكان المنطقة الرعي وصيد الأسماك والتجارة الداخلية، وأدى تدجين الحيوان والزراعة إلى نشوء مجتمعات بشرية مستقرة فترات طويلة من الزمن، وانتشر في منطقة الخليج العربي خلال العصر الحجري الحديث نوع من الفخار المستورد بلاد من الرافدين عرف بفخار العبيد، وظهرت في هذه الفترة وسائل النقل البحري، ونشأت العديد من المستوطنات الساحلية التي مارست التجارة وصناعة الفخار منها موقع بحرة وصبية في الكويت، وكذلك موقع أبوخمسين وعين السيج والدولارية في المملكة العربية السعودية، وموقع المرخ في البحرين، إضافة إلى موقع الخور ووادي ضبيعان في قطر، وفي الإمارات العربية المتحدة كشف عن موقع جديد في إمارة أبوظبي يعرف بمروح 11، ومن قبل في موقع جبل البحيص في إمارة الشارقة وفي الربع الخالي في أم الزمول وخرمة خور المناهيل، وفي موقع رأس الحمراء في عُمان عاش السكان في أكواخ على ساحل البحر منذ الألف السادس قبل الميلاد، وفي هذا المعرض مادة أثرية غنية تغطي جميع فترات العصر الحجري.
وفي منتصف الألف الثالث قبل الميلاد، دخلت منطقة الخليج مرحلة حضارية جديدة، بسبب نشوء المدن الكبيرة وظهور التجارة بعيدة المدى، حيث ازدهرت جزر الخليج العربي والواحات الداخلية في شبه الجزيرة العربية، وظهرت الحجارة اللينة والنحاس والبخور واللبان، وأصبح الغوص على اللؤلؤ وصيد الأسماك من الأنشطة الأهم لسكان السواحل والجزر، ومن هذه الحضارات دلمون في جزيرة البحرين وتاروت والقطيف وشرق شبه الجزيرة العربية وجزيرة فيلكا، كما برزت خلال هذه الفترة أنماط ثقافية جديدة مثل حفيت وأم النار والمد ووادي لسوق، حيث عرفت هذه المنطقة في المصادر الرافدية بماجان، وكانت الدلمون وماجان شهرة واسعة خلال الألف الثالث ومطلع الألف الثاني قبل الميلاد، وقد ساعدت جغرافية شبه الجزيرة العربية على سهولة التنقل وقطع مسافات بعيدة، فنشأت على إثرها شبكة من الطرق البرية والساحلية والبحرية، كما تحسنت خلال هذه الفترة أنظمة الري وازدادت الكثافة السكانية، وتشير الأدلة الأثرية من بلاد الرافدين إلى أن سكان منطقة الخليج العربي امتلكوا سفنا تجارية عرفت بسفن دلمون وماجان، وأن هذه السفن كانت ذات حمولة كبيرة، وأنها كانت قادرة على الإبحار في المياه العميقة ولمناطق بعيدة، وفي هذه الفترة ظهرت القرى والمدن القديمة ذات الأنظمة الإدارية المركبة، كما ظهرت الصناعات الدقيقة مثل صناعة الأختام والجواهر، وأصبحت صناعة السلال والفخار والأواني الحجرية حرفا تقليدية يتداولها سكان الخليج العربي عبر العصور، ويحتوي المعرض على مادة قيمة تعود إلى حضارة العصر البرونزي وثقافاته المتنوعة في منطقة الخليج العربي.

 

معرضه أقيم في قاعتي الفنون وأحمد العدواني
خزعل القفاص .. يرصد بالنحت التراث الكويتي القديم


مشواره الفني الطويل اتسم بكثير من المنجزات التي تحقق بعضها في سن مبكرة

خاض تجارب في الرسم التصويري إلى جانب الخزف والنحت

لم يتأثر بفنان بعينه بل حرص أن يأتي عمله في خصوصية واضحة

كتب: مدحت علام
الفنان التشكيلي والنحات خزعل القفاص واحد من الرعيل الأول في فن التشكيل الكويتي المعاصر، ومن المبدعين الكويتيين الذين تعود لهم الريادة في ازدهار النحت في الكويت، من خلال التواصل الكبير مع الأصالة والحداثة معا. فقد اتسم مشواره الفني الطويل، بكثير من المنجزات التي تحقق بعضها في سن مبكرة، لعل من أبرزها تصميم شعار نادي القادسية - وكان وقتها في العشرينيات من عمره - وهو الشعار المعمول به لأكثر من 45 عاما. إلى جانب أعمال نحتية خالدة ستظل باقية لتشهد على ما يتميز به القفاص من موهبة متميزة. ودق الهريس والمقعد والراقصة وغير ذلك من الأعمال البرونزية، التي تتمتع بالخصوصية والتألق.
وفي معرضه الشخصي الذي جاء ضمن فعاليات مهرجان القرين الثقافي الـ 26، والذي افتتحته مدير إدارة الفنون التشكيلية ضياء البحر ومديرة المهرجان فوزية العلي، في قاعتي الفنون وأحمد العدواني، في ضاحية عبدالله السالم، تحت عنوان «إبداع»، استطاع القفاص أن يروي، من خلال منحوتاته التي تقترب من 60 منحوتة، القصص والحكايات بأسلوبه الرمزي، الذي يتواصل بشكل ضمني وحسي مع الواقع بأكبر قدر من التكثيف والإيحاء، وذلك وفق تصورات فنية مزدانة بالتألق والحضور. وضم المعرض الأعمال القديمة والحديثة للفنان، تلك التي توثق مسيرته مع النحت منذ أمد بعيد.
وفي هذا المعرض تمكنا من التعرف من كثب على التجربة الثرية التي يتميز بها القفاص من خلال أعماله النحتية، تلك التي تتوازى في أفكارها مع ما تتطلبه الحالات الإنسانية الخاصة من تكثيف في المحتوى والفكرة على حد سواء، بالإضافة إلى المعاني التي تبدو متناغمة مع لغة فنية مفعمة بالحيوية والحركة.
فالقفاص يختار مواضيعه وأفكاره من نسيج الحياة وما يعتمل فيها من تداعيات، ومن ثم رصدها على منحوتاته في اشكال يمكن قراءة مضامينها بأكثر من رؤية، غير أن الرؤية الإنسانية هي الاكثر توهجا وبروزا.
ويحاكي الفنان في منحوتاته الواقع في إطار رمزي محكم، لنشاهد الفولكلور الشعبي من خلال حركات الفنانين وأياديهم ممسكة بالآلات الموسيقية، وهي تتحرك بطلاقة وحرية في الهواء، وبشكل انسيابي متقن، تفاعلا مع التراث الكويتي الأصيل، إلى جانب منحوتة نرى فيها تجمّع النسوة على أريكة وهن يتبادلن الأحاديث الودية.
وقالت الأمانة العامة للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، في تعريفها بالفنان: «يعد الفنان التشكيلي خزعل القفاص أحد رواد فن النحت الأوائل في دولة الكويت والمنطقة العربية.. وكان ولايزال مؤثرا في تأسيس التشكيل وبداياته في الثقافة البصرية، وهو من الفنانين الذين أرسوا بصمة وهوية أضاءت مسيرة النحت الكويتي على مر عقود من الزمن».
ويحكي القفاص - تحت عنوان «طرق الطين» - أنه في مرحلة طفولته لم يجد صعوبة في الحصول على الطين، لتوافره في كل مكان، مشيرا إلى دور جدته في تشجيعه على تشكيل الطين، وتنمية هوايته المفضلة، وقال: «لا أزال متواصلا ومستمرا في الاندفاع نفسه والرغبة للقيام بمحاولاتي وتجاربي لإنتاج قطع فنية أفتخر بها، بعيدا كل البعد عن أفكار الآخرين، ولمسايرة الحداثة وما بعد الحداثة».
وأضاف: «إن الصورة أداة جيدة تمكن الناس وتجمعهم وتجعلهم متساوين في المشاهدة للعمل الفني، بما هم عليه من اختلاف شائع وفارق كبير وعميق بينهم في الثقافة واللغة، وتأخذهم تلك الرسمة وتجعلهم أكثر قربا وتفاهما فيما يطلعون عليه»، وأوضح أن للرسم دورا كبيرا في تسهيل وتوصيل المعلومة، وتوفير كبير من الجهد والوقت لما يطول شرحه ووصفه للوصول إلى الحقيقة والمعلومة بكل سهولة ويسر.
ولقد صقل القفاص موهبته من خلال الدراسة في القاهرة وسان فرانسيسكو وغيرهما، كما أنه خاض تجارب في الرسم التصويري إلى جانب الخزف والنحت، إلا أنه ركز في تجاربه على النحت، وحصل على التفرغ للعمل في المرسم الحر مع الفنان القدير سامي محمد، ضمن الدفعة الثانية للتفرغ الفني في المرسم الحر.
وتعرّف الفنان القفاص على الطين الذي تكوّن بتأثير هطول مطري غزير، في المنطقة التي كان يعيش فيها، ما أغراه باللعب فيه، وتشكيل مجسمات فراغيّة منه، وقد ساعدته جدته التي كانت تعمل في صناعة «الزبلان والحصر والمهفات» من سعف النخيل، على شيها لتتحوّل إلى تماثيل من فخار. وفي البداية، عارضه والده في هذه الهواية، لكنه أصرّ على متابعتها واحتراف الفن.
ولقد عمل الفنان القفاص في البداية في وزارة الداخليّة، وفيها تعرّف على الفنان الكويتي الكبير سامي محمد الذي أخذه إلى المرسم الحر، وهناك التقى بالفنان الرائد خليفة القطان الذي كان يعمل فيه. كما تعرّف على النحات المصري أنور السروجي، وهو أحد تلاميذ النحات المصري الكبير جمال السجيني، وبفضل هذا النحات تحوّل الفنان القفاص من ممارسة فن الخزف إلى فن النحت.
وتلك الحكايات سجلها في كتاب حمل عنوان «خزعل القفاص .. الحداثة الآتية من البيئة والتراث الشعبي».
ومن المعروف أن القفاص لم يتأثر بفنان بعينه، بل حرص على أن يأتي عمله في خصوصية واضحة، وبتأثر شديد بالبيئة المحيطة به.
ولقد جمع الفنان القفاص في أسلوبه النحتي بين الواقعيّة المختزلة وبين التعبيريّة، أما موضوعات أعماله الفنيّة فجلها استلهمها من التراث الشعبي الكويتي (الفولكلور)، مثل منحوتته البرونزيّة «دق الهريس».
وكرّم بيت الخزف الكويتي القفاص تقديرا لمسيرته الرائدة والحافلة في فن النحت. وجاءت هذه المبادرة من إدارة الفنون التشكيلية ممثلة في بيت الخزف الكويتي، واعتمدها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب لكون القفاص صاحب تجربة رائدة ومسيرة حافلة في فن النحت، ليس في الكويت وحدها بل على مستوى الخليج.
كما أنتج فيلم «من طين الذاكرة» عن الفنان الكويتي خزعل القفاص، وهو فكرة وإعداد الفنانة ديمة القريني، مونتاج الأستاذ محمد الحطب، وإخراج يحيى أشكناني.

 

الشعر والموسيقى والطرب والخط العربي في «كولاج فني» جذاب

كريم العراقي وشاه ومخصيد أشعلوا مسرح عبدالحسين عبدالرضا إبداعا

صدحت حنجرة محمد مخصيد بصوت
عذب حصد
إعجاب الجمهور

الخطاط عبدالله النجار قدم أعمالا خطية
تبرز جماليات
الحروف العربية

قاد فيصل شاه الفرقة الموسيقية باقتدار بالإضافة إلى العزف المنفرد على آلة الكمان

ألقى الشاعر كريم العراقي قصائده بأداء شعري متقن وبمضامين إنسانية صادقة

كتب: مدحت علام
شهد مسرح الفنان الكبير عبدالحسين عبدالرضا في السالمية أمسية ثقافية شعرية موسيقية، حضرها الأمين العام المساعد لقطاع الثقافة في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب
د. عيسى الأنصاري، تضمنت عرض كولاج فنيا، شارك فيه الشاعر الكبير كريم العراقي شعرا، والفنان فيصل شاه عزفا على آلة الكمان، وقيادة للفرقة الموسيقية المصاحبة والتي تشكلت من مجموعة من العازفين الماهرين على الكمان والبيانو والطبلة والرق والناي والعود وغيرها، والمطرب محمد مخصيد غناء وطربا، إلى جانب الخط العربي للخطاط عبدالله النجار، وذلك في إطار فعاليات مهرجان القرين الثقافي في دورته الـ26، وكان الحضور الجماهيري كثيفا، والذي جاء من أجل الاستمتاع بهذه الأمسية التي اجتمعت فيها أربعة فنون «الشعر والموسيقى والغناء والخط العربي»، وهي تجربة ذات جماليات فنية متميزة، ومن ثم فقد حققت مردودها من خلال تجاوب الجمهور وسعادته بامتزاج هذه الأجناس الفنية بعضها مع بعض، لتخرج خلطة أو «كولاج فني» مغاير ومتفاعل بشكل خلاق مع الجمال في أبهى صوره.
واستهلت الأمسية بتكريم د. عيسى الانصاري للشاعر كريم العراقي والفنان فيصل شاه بدرعين تذكاريتين، ومن ثم أوضح شاه في كلمته المرتجلة أن هناك سببين يجعلانه يشعر بالخوف، الأول لأنه سيستمر طوال الأمسية واقفا أمام الجمهور، والثاني لأن والده ضمن حضور الأمسية.
ومن ثم تبادلت الأدوار بين القصيدة والموسيقى والغناء والخط العربي، الذي قدم فيه الخطاط عبدالله النجار أعمالا خطية تبرز جماليات الحروف العربية.
وألقى الشاعر كريم العراقي قصائده بأداء شعري متقن، تلك القصائد التي تتفاعل مع الحياة، وتبحث في مضامين الإنسان بقدر كبير من الصدق، والإخلاص للكلمة الشعرية. والتي تحكي عن الصداقة وأخرى تتحدث عن الألم والوطن ولوعة الحب والفراق ليقول في إحدى قصائده:
كان صديقي وكان حبه الأبدي
بل كان حبهما حكاية البلد
واستغرب الناس كيف القصة انقلبت
إلى خصام.. إلى هجر.. إلى نكد
أما أنا الشاهد المذبوح بينهما
سيفان من نار يختصمان في كبدي
٭٭٭
ما أنا الشاهد المذبوح بينهما
سيفان من نار يختصمان في كبدي
٭٭٭
هو التقاني مريضا تائه القدم
محطم القلب أدمى إصبع الندم
كن يا صديقي طبيبي واحتمل ألمي
هل قابلتك هل حدثتها عني
هل حزنها كان أقسى أم أنا حزني
وذلك العطر هل لا زال يغمرها أم غيرته؟
نعم زعلانة مني
ثم صدحت حنجرة الفنان مخصيد بباقي القصيدة: «خسرتها يا لطيشي لا بديل لها... بكى صديقي»، كما ألقى العراقي قصيدة أخرى بالعامية العراقية، بينما جاء العزف المنفرد على آلة الكمان منسجمة مع الجو الطربي للأمسية، إلى جانب الوصلات الموسيقية بقيادة شاه، والتبادل المفعم بالحيوية بين الآلات الموسيقية المشاركة في الامسية.
كما ألقى العراقي قصيدة عامية تقول:
يا عود اعزف صَبَا.. راحت أيام الصِّبا
واحد يعذبه الزمن.. واحد هله اتعذبه
يا عود ما خالفت، بس خالفوا خلّتي
رعوني وسط الجمر، واتنطّروا شجرتي
من كل كتر مشتعل، يالغرّتك ضحكتي
واحد يعذبه المحب.. واحد هله تعذبه
وأبدع الفنان مخصيد في تأديته لقصيدة أبي فراس الحمداني:

«أقول وقد ناحت بقربي حمامة»، بألحانها وموسيقاها المعبرة. بالإضافة إلى تناول كريم لكثير من الرؤى والمشاعر عبر قصائده التي طلب معظمها الجمهور منه إنشادها.
وفيصل شاه عازف الكمان ومشارك فاعل في مهرجان القرين الثقافي، قدم وصلاته الموسيقية باقتدار من خلال ما تتمتع به ذائقته الفنية من رؤى جمالية للنغم، الذي ينساب من الكمان، في هدوء وروية، وفي أحيان أخرى في تسارع متزايد، من أجل الوصول إلى حالة انسجام مع الحالات الموسيقية التي يريد أن يصل بها إلى المتلقي.
والفنان محمد مخصيد أبدع طربا من خلال ما تضمنته قصائد كريم العراقي من انسجام مع الحياة وكشفا لمواقفها ومضامينها وأحوالها وحالاتها، وهو المطرب الذي وقف على خشبة مسرح مركز الشيخ جابر الثقافي، وأدى الأغاني التراثية، كما قدم في مركز اليرموك الثقافي أغاني لكبار نجوم الطرب في الوطن العربي مثل أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب.
يذكر أن كريم العراقي عمل معلما في مدارس بغداد لسنوات عدة ثم عمل مشرفا متخصصا في كتابة الأوبريت المدرسي. بدأ الكتابة والنشر منذ كان طالبا في المدرسة الابتدائية في مجلات عراقية عديدة منها: مجلة المتفرج، والراصد، والإذاعة والتلفزيون، وابن البلد، ووعي العمال ومجلة الشباب. تنوعت اهتمامات كريم فشملت كتابة الشعر الشعبي والأغنية والأوبريت والمسرحية والمقالة، فضلا عن اهتمامه بالثقافة والأدب منذ أن كان طالبا في مرحلة الابتدائية.
وحصل على جائزة منظمة اليونيسف لأفضل أغنية إنسانية عن قصيدة تذكّر التي لحنها وغناها الفنان كاظم الساهر. غنى من شعره عشرات المطربين العراقيين والعرب. يعمل حاليا محررا صحفيا في مجلة سيدتي.

 

أقيمت في مركز اليرموك الثقافي بالتعاون مع دار الآثار الإسلامية

سيرين بن موسى أحيت ليلة طربية تونسية

قدمت روائع أغاني التراث الأندلسي المغاربي وموسيقى «المالوف» التونسية

كتب: حافظ الشمري
بين الصوت الطربي، والموسيقات المتناغمة، وإرث الفن العريق، أحيت المطربة التونسية سيرين بن موسى حفلا غنائيا جماهيريا لافتا على خشبة مسرح مركز اليرموك الثقافي، ضمن فعاليات الدورة السادسة والعشرين لمهرجان القرين الثقافي، وجاء الحفل بالتعاون مع دار الآثار الإسلامية.

عزف وغناء
وانسجم واستمتع الجمهور مع ليلة من ليالي روائع الطرب الأصيل، حيث أمتعت الجمهور الذي حضر الأمسية وتفاعل مع ما قدمته من روائع أغاني التراث الأندلسي المغاربي وموسيقى «المالوف» التونسية، إلى جانب إتقانها العزف على آلة «العود» في مقطوعات متنوعة نالت الاستحسان والتفاعل والتصفيق من قبل الجمهور الكبير، وبمصاحبة فرقتها الموسيقية التي تضم عدة عازفين موسيقيين.

«المالوف» التونسي
حضرت بن موسى بقوة عبر ليلة غنائية متناغمة يبن الأنغام والغناء بما قدمته من أغاني الفن التونسي بروح عصرية وأسلوب حديث ومتجدد، وشدت بصوتها العذب عبر وصلات متنوعة. وكانت البداية مع «سماعي حسين» من ألحان الشاذلي مفتاح، وبعدها انطلق صوتها في رحاب الطرب في وصلة من «المالوف» التونسي في مقطوعات غنائية هي «فاض الوحش عليا، أقبل البدر في الصباح، يا ناس جرتلي غرايب، الكون إلى جمالكم، شربنا شراب المدام»، كما صدح صوتها بأغنية «حرمت بين نعاسي» من التراث الأندلسي من الجزائر. ثم غنت «اليوم قالتلي زين الزين» من أغاني وألحان الفنان الراحل الهادي الجويني ومن كلمات محمود بورقيبة، وأعقبتها بأغنيتي «شهلة الأعياني» من التراث الجزائري، وأغنية «آه وادعوني» من التراث التونسي، وبعد ذلك غنت وصلة «في طبع المزموم»، وغنت «يالي بعدك ضيع فكري» للفنانة الراحلة صليحة من كلمات جلال الدين النقاش وألحان خميس ترنان، ثم أغنية من التراث التونسي «عرضوني زوز صبايا»، وغنت من «المالوف» التونسي «أليف يا سلطان».
أغان تراثية
ووسط تفاعل الحضور غنت سيرين بن موسى من ألحانها أغنية «الوردة» كلمات الشاذلي القرواشي، وبعدها قدمت وصلات متنوعة من التراث التونسي «خاتم حبيبتي، طلقني خوذ الدبلج، يا نهار البادح» ثم غنت، و«كي ضيق بيك الدهر يا مزيانه» كلمات الصادق ثريا، و«البارح كان في عمري 20» كلمات الهاشمي القروابي، واختتمت الحفل في وصلات من ألحان وأغاني الفنان الراحل الهادي الجويني تضمنت أغنيات «تحت الياسمينه في الليل» كلمات السيدة عزة، و«لاموني» كلمات البشير فهمي، و«سمراء يا سمراء» كلمات جلال الدين النقاش.
مسيرة حافلة
يذكر أن المطربة التونسية سيرين بن موسى تمتلك مسيرة حافلة، ولقد لقبت في «ملكة المالوف»، لإتقانها الطرب الأندلسي الأصيل بشتى ألوانه، كذلك تميزت بانفتاحها على أنماط موسيقية عدة تكريسا لقيم التبادل الثقافي، وخاضت تجارب غناء أنغام الفلامنغو وغيرها من أطياف الموسيقى، وشاركت في العديد من الحفلات والمهرجانات المغاربية والأوروبية.
وسيرين بن موسى حاصلة على شهادة الدكتوراه في العلوم الموسيقية من جامعة السوربون، وتحمل إرثا فنيا من خلال فن «المالوف» التونسي والموسيقى الأندلسية لكل العالم برؤية خاصة ومتجددة، وأصرت على التعمق في مجال الموسيقى والسير على خطى ثابتة فارضة لونا مغربيا انسجم مع ميولها، ولاقت إعجابا من تونس ومن خارجها.
انفردت بن موسى بإتقانها الطرب الأندلسي الأصيل بشتى ألوانه المغاربية، ويحوي رصيدها الفني العديد من المشاركات والحفلات، إضافة إلى نشاطها الفني فإنها تشغل مديرة فنية لمهرجان الموسيقى الروحية في باريس، وتترأس الجمعية الثقافية التونسية.


جمهور مسرح عبدالحسين عبدالرضا انتشى فرحًا بأدائها

«الفرقة الحضرمية» أمتعت الجمهور بأجمل الأغنيات اليمنية التراثية

دمجت الفرقة بين الغناء والرقص الفولكلوري في لوحة رائعة مملوءة بالأصالة

تمتاز الرقصات الحضرمية بالحركات والملابس والإيقاعات الخاصة

كتب: عبدالحميد الخطيب
عاش الجمهور الذي حضر الحفلة الموسيقية التي أحيتها الفرقة الحضرمية في مسرح عبدالحسين عبدالرضا، ضمن أنشطة مهرجان القرين الـ 26، ليلة تراثية من الطراز الرفيع على أنغام الفن اليمني الأصيل.
حضر الحفل حشد غفير من محبي الطرب الأصيل، والذين تفاعلوا مع الفقرات الفنية، التي دمجت بين الغناء والرقص الفولكلوري اليمني، في لوحة رائعة مملوءة بالأصالة والفرح.
وبدأ الحفل بتكريم الأمين المساعد لقطاع الفنون بالمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الدكتور بدر الدويش لقائد الفرقة، ومن ثم تم تقديم باقة من الأعمال التراثية، واستهلت الفرقة بغناء المطرب عمر الدقيل لأغنية «العتب بيننا بالخير» وألحقها بأغنية «يا جارنا ارعى حقنا»، وصاحبه بعض أعضاء الفرقة برقصة من التراث الحضرمي، ألهبت حماس الحضور.
وغنى المطرب محمد الدفيقي «دون يا قلم دون»، وبعدها شدا بأغنية «ما نلتقي في اسعاد».
وعاد الدقيل للغناء وقدم أغنية «دلة أول»، ثم أغنية «سرى الليل»، وتبعه الدقيل مرة أخرى وغنى «يا راحمين لا تبخلوا» واتبعها بأغنية «ما بنساك يا غالي».
وختمت الفرقة بأغنية «وينك يا درب المحبة» التي رددها معهم الجمهور الذي لم يتوقف عن التصفيق والتهليل طوال الحفل تفاعلا مع الأغنيات الحضرمية الممتعة والرقصات الحماسية التي قدمها أعضاء الفرقة. وتأسست الفرقة الحضرمية اليمنية في دولة الكويت في العام 2015 بقيادة الفنان مسعود السباعي، وتتألف الفرقة من 20 فنانا شعبيا يؤدون الفنون اليمنية الأصيلة الجميلة من حضرموت، وتمتاز الرقصات الحضرمية بالحركات والملابس الخاصة والإيقاعات المختلفة.
وقد شاركت الفرقة في مناسبات عديدة منها: أعياد الكويت الوطنية، سوق المباركية، مخيم وزارة الدفاع، الحفلات والأعراس بمدينة الكويت، تسجيلات تلفزيون الكويت والقنوات الفضائية الخليجية، فعاليات مجمع مروج، مشاركات مختلفة مع مؤسسة لوياك الكويتية.

 

Happy Wheels