ندوة "القرين" تناقش صورة الخليجي في السرد الخليجي

19 يناير, 2015

شهادات من الكويت والبحرين ترصد النظرة القاصرة عن الإنسان الخليجي

 

وفي جلسة مسائية تناولت   "صورة الخليجي في السرد الخليجي"  وهو الشق الثاني من المحور الرابع المعنون بـ "صورة الخليجي في السرد العربي والخليجي" أدارها د.سليمان الشطي تحدث فيها كل من: الأكاديمي والناقد البحريني د.نادر كاظم ودكتورة ضياء الكعبي أستاذ اللغة العربية وآدابها بالجامعة الأردنية، وتحدثا عن تجربة البحرين، وتحدث د. علي العنزي أستاذ النقد بالمعهد العالي للفنون المسرحية عن تجربة الكويت.

من جهته بين الكاتب والاكاديمي البحريني الدكتور نادر كاظم في بحثه إن ان العرب والمسلمين وحتى الشرقيين مهووسون بنقاء صورتهم في مرآة الغرب كتنميط واضح بهذه المسميات وكأنها كيانات واحدة وموحدة على عكس حقيقتها منذ زمن العصور الوسطى وذلك في جدلية تعرف متبادل أو إساءة تعرف متبادلة حينا وخصام وصراع لا يهدأ في أحيان كثيرة، إلى أن استقرت صورة الشرق العربي والإسلامي على نحو أكثر تحديدا على أنه نقيض الغرب وممثل "الغيرية بامتياز" والنقيض الذي صار من الممكن أن تلصق به أي صفة سلبية.

 وأضاف أن السؤال عمن هو الآخر في الثقافة العربية لا تتاح الإجابة عنه بيسر إلا بطريقة سلبية، بمعنى أن الآخر هو من لا يكون جزءا من هويتنا وهذه آخرية مفتوحة بحكم أن حدود هويتنا مفتوحة إلا أن انغلاق مجال الآخرية في العصر الحديث على آخر واحد ووحيد لا يشير إلى شيء سوى أن حدود هويتنا أصبحت مغلقة وضيقة ومنكفئة على ذاتها.

 وأضاف نادر أن تمثيل الآخر ينطوي على بعدين شبيهين ببعدي المتخيل من حيث كونه سبب ونتيجة معا، فمن جهة أولى تعد التمثيلات وسيلة من وسائل التعبير والكشف عن القوة والهيمنة وأنها دليل ومؤشر على توافر هذه القوة والهيمنة ولهذا تكون واحدة من افرازات هذه القوة واحدى النتائج المترتبة على فرض الهيمنة، ومن جهة ثانية فإن التمثيلات تعمل كأداة من أدوات هذه القوة والهيمنة على أنها وسيلة من وسائل إخضاع الآخرين والهيمنة عليهم ومن ثم المحافظة على استمرار القوة ودوام الهيمنة.

تجارب خليجية

وفي بحثه حول صورة الخليجي في السرد الخليجي يقدم د.علي العنزي أستاذ النقد بالمعهد العالي للفنون المسرحية مقاربة تحليلية في نماذج روائية خليجية، ويقول إن البحث في الرواية الخليجية، بوصفها مظهرا من أرقى المظاهر الأدبية وأقواها، يحتاج إلى وقفات أطول، حتى نستوفيه حقه ونعمق ما تمسه الظواهر المحيطة به السياسية/ الاجتماعية/ الاقتصادية من قضايا وشؤون ثقافية خليجية. وقفات أطول... لأن الظاهرة، لاتزال وليدة تجربة قصيرة، بعد أن عاش الخليج العربي أحداثا مهمة خلال العقدين الماضيين، وما مثلته من مرحلة تحولات اجتماعية وسياسية بالغة .

وأشار العنزي إلى شح الدراسات الببليوغرافية الراصدة وتتبع المنتج الروائي الخليجي، ذلك التتبع الذي لا يمكن أن يسلم من مزلق السهو الذي قد يسقط بعض المرويات حقها في أن تكون تحت دائرة الرصد، لافتا إلى ملاحظة أن الروائيين الخليجيين، قد استطاعوا أن يقدموا لنا خلال الأعوام الماضية، صورة الخليجي في المجتمعات الخليجية، ولفرط صدق الصورة، ما جعل الرواية الخليجية تمثل تاريخا اجتماعيا وسيرة مكتوبة لحياة الإنسان الخليجي في مجتمعه، وأضاف.. اجتذبت حياة المنسيين الروائيين الخليجيين، مصورين إلى حد كبير سمات العالم الذي يحياه المهمشون، ودنياهم الخاصة، فاتحين أعين المتلقين على واقع سحري غريب يوائم بين الحقيقة والأسطورة ليصور حياة المهمشين في الرواية. ويلاحظ أيضا أن الروائيين الخليجيين استطاعوا أن يقدموا نماذج متنوعة للإنسان المهمش ثقافيا، المعزول سياسيا واقتصاديا وجغرافيا، وبرهنوا على أن الروائيين المتشبثين بالحقيقة القابضين على الإدراك المستشرفين لطاقات النور قائمون ما قامت المجتمعات الحديثة، ولا شك في أن فئة الكتّاب تعدّ من أهم الفئات الاجتماعية الفاعلة القادرة على قيادة التحول في أي مجتمع، " بل لا نكون مبالغين إذا قلنا إن هذه الفئة ضرورية وأساسية في بناء المجتمعات".

وإذ يصور الروائي الخليجي تاريخ الإنسان المعاصر وظروفه القاسية، عبر رواية ترثي لحالهم، فإنه يرصد عوالمهم ويعبر عن الموروث الثقافي والاجتماعي الذي يلفهم ويدورون في فلكه، مصورا بقلمه أبطالا حقيقيين كتبوا التاريخ بدمهم، ليس كما يراهم العالم الخارجي، وإنما كما يراهم الكاتب من الداخل، وهذه الشخصيات بطلة، برغم أنها تحيا على هامش المجتمع، وتفضل الإقامة على الحواف.

واختتم العنزي بالاشارة إلى أمر شاع لدى الروائي الخليجي وهو التطرق إلى ثيمات حساسة، لم يسبق له أن تناولها في أي جنس أدبي آخر، حيث مثلت الرواية متنفسا ملائما للكتابة على المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وسعى الروائيون لنبش المسكوت عنه، وما يحدثه من شروخ في وفرة عددية في الآونة الأخيرة، لا نظير لها في تاريخ الرواية الخليجية. وكان هذا هو المشهد الروائي الخليجي لتصوير الإنسان الخليجي «سردانيا».

 

الخطاب النسويّ الخليجي

وحول (تمثيلات الخليجيّ في الخطاب النسويّ الروائيّ الخليجيّ: جدل التذكير والتأنيث الثقافيّ وإشكاليات الآخر) بحثت د. ضياء عبدالله الكعبيّ، أستاذة السرديات والنقد الأدبيّ- كلية الآداب، جامعة البحرين مستشهدة بستة أعمال روائية لروائيات خليجيات ينتمين إلى الإمارات والبحرين والسعودية والكويت.

تقول الكعبي إنَّ نتائج هذه المقاربة وتأويلاتها تبقى مرهونة بحدود المدوَّنة المدروسة، وبالتالي لا تدعي هذه المقاربةُ أنها استطاعتْ استقصاء تمثيلاتِ الخليجيّ في السرد الخليجيّ لعدة أسباب أهمها ضخامة الإنتاج الخليجيّ المنتمي إلى الرواية الخليجيّة.

وفي ملخص بحثها المطول تقول الكعبي : كشف تناولنا في هذه المقاربة النقدية المحدودة بحدود مدوّنة الدرس عن وجود تمثيلات ثقافية خاصة لصورة الخليجي (امرأة ورجلا) في الخطاب الروائيّ النسوي الخليجي لكاتبات من الجيل الجديد، ولا شكّ في أن أصوات التمرد على ازدواجيات المجتمعات الخليجية والرغبة في التمرّد تعكس بصورة أو بأخرى قلق الذات الأنثوية الساردة التي قد تقارب موضوعها أحيانا بصورة صادمة وجريئة.

وأضافت.. لا شكّ في أن ثيمة الذات في علاقتها مع الآخر (الداخليّ أو الخارجيّ) شكّلت خصوصية سردية مائزة لبعض هذه الروايات مع تفاوت في توظيف مثل هذه الثيمة واختلاف في مدى التماسك السرديّ الناضج لهذه الروايات جميعها، كما كشفتْ هذه الروايات المختارة عن وجود حساسية سردية نسوية لافتة، خاصة في علاقة المرأة وبعلاقات التذكير والتأنيث الثقافيين.

 ويبقى هذا الموضوع بحاجة إلى استقراء أكبر، وهو جهد ضخم بحاجة إلى جهد مؤسسيّ بحثيّ لاستجلاء تمثيلات الذات والآخر في السرد الخليجيّ (القصة القصيرة والرواية). ولا شكّ في أن وجود بعض المخابر السردية في بعض الجامعات الخليجية (مختبر السرديات على سبيل المثال بجامعة الملك سعود) ما يعين على دراسة هذه التمثيلات ومقاربتها بمقاربات نقدية عميقة ويكون الناتج في ندوات رصينة وفي كتب محكمة.

Happy Wheels