ناقشت الجلسة الرابعة لليوم الأول الدور الاقتصادي لوسائل الاتصال الاجتماعي..

27 يناير, 2016

الجلسة الرابعة

 

 


ناقشت الجلسة الرابعة لليوم الأول الدور الاقتصادي لوسائل الاتصال الاجتماعي.. وحاضر فيها كل من د. محمد نادر سراج ود. خالد عزب وشادي فؤاد وأدارها م. مظفر راشد. في البداية قال أستاذ اللسانيات في الجامعة اللبنانية د. محمد نادر سراج: إن تفاقم استعمال وسائط التواصل الحديثة بلا رقيب أفضى إلى أعراض سلبية نجم بعضها عن الفجوة التي نشأت بين امتلاك المهارات التكنولوجية والقدرة على الوصول إلى مصادر المعرفة من جهة، وضعف الإمكانات التعبيرية اللغوية اللازمة عند المستخدمين لإيفاء عملية التواصل أغراضها من جهة ثانية.
وأضاف: إن هذه الوسائط فعلت ما فعلت في النفوس وبدّلت في آداب الحوار وألفباء التواصل، وحوّلت العلاقات والمشاعر الإنسانية إلى مجموعة من الأزرار والرموز.
وأوضح أن وسائل التواصل الاجتماعي أحوجت مستخدميها الشباب، من الجنسين، إلى اعتماد تقنيات الاقتصاد اللغوي (صيغا مختصرة وتراكيب موجزة ومفردات دقيقة المعاني وفونيمات قابلة للسقوط، علاوة على الاتيان بمقترضات دقيقة المعنى ومكثفة الشكل وسهلة الكتابة). فقد أحوجتهم الأقوال المتناسلة والمتسارع نقرها على لوحات المفاتيح إلى اصطناع أنساق كتابية مختصرة أو مختلطة استندت جزئيا إلى مبدأ اللغة الهجين (العربيزية) القاضي بتطعيم لسان الضاد بأرقام لاتينية تستبدل بها بعض أصواته.
وتابع: لتذليل عقبات كتابية ناشئة عن اضطرارهم إلى اللجوء للتعبير الكتابي على مدار الساعة، اعتمدوا هذه الأنساق وطوروها بمرور الأيام، التماسا لتسريع سبل تخاطبهم اليومي، وطلبا للإيجاز في آلية تعبيراتهم الكتابية، إرسالا وتلقيا، عبر مكوّنات الشبكة العنكبوتية.
وأضاف أن المساعي الشبابية الفردية أو الجَماعية الدائبة لرأب الصدع القائم بين احتياجاتهم التواصلية اليومية والسريعة الإيقاع، وافتقادهم – من وجهة نظرهم - موارد لغوية ومهارات كتابية موائمة، ودقيقة الدلالة، وسهلة الاستحضار على لوحات مفاتيح حواسيبهم، أوقعتهم في مأزق تخاطبي حرج لم يكن سهلا الخروج منه أو التعامل معه.
وأشار إلى أن لغة الإرسال والتلقي كانت ولاتزال العربية بشتى مستوياتها وتلاوينها كما سبق القول. لكن المراقب سيلاحظ أن سمات الصخب والصدم المغلفة بدينامية تعبيرية ملحوظة، التي تنطوي عليها لغة الخطاب الخاصة بهذا الجيل؛ جيل التلفزيون لعقد خلا وجيل الفيس بوك والتويتر حاليا، تستدعي التبصّر في علاقة المستوى الفصيح واللهجات العربية المعاصرة وصنوها من اللغات الحيّة المتداخلة والمتفاعلة لدى أبناء هذا الجيل بالمنظومة اللغوية الشبابية التي تحكم قواعد تواصلهم في العالم الافتراضي. هي «الحاجة أمّ الاختراع» كما قال الأولون، وكما علّمتهم الأيام، ونادى به موروثهم الثقافي.
واعتبر سراج أن - استخدام شبابنا المتزايد لوسائط التواصل الاجتماعي يمتلك إيجابيات عديدة. فمن شأن حسن استخدامها مثلا تنشيط الوظائف الإدراكية والمعرفية الطبيعية لمرتاديها علاوة على رفد مخزونهم المعرفي بالمفيد والجديد، وتشجيعهم على تطوير ملكتي التفكير والتعبير الكتابي. مشيرا إلى أن ثمة فجوتان محوريتان تختصران المشهد التواصلي الراهن. الأولى دلالية المنحى ناتجة عن الواقع المعولم والمتجدد الذي يعيشه أبناؤنا ويتخاطبون ويتفاعلون في أجوائه ووفق شروطه وكيفيات عمله، بكل المقاييس والظروف والأدوات. أما الثانية فلا تنقص أهمية عن سابقتها لأنها نشأت وتطورت آلياتها بحكم تجدّد وسائط التواصل المتوافرة بين أيديهم.
وقال سراج: إن توظيف المبادئ اللسانية والإفادة من تطبيقاتها العملية للتبصّر في الأنساق الكتابية المستجدّة على مواقع التواصل الاجتماعي، حضرت في هذا المقام لا لتخبّرنا عن أشياء نعرفها، بل هي مكّنتنا من معاينة مضامين النصوص الشبابية – المنطوقة أساسا والمُفَكَّر بها بالعاميّة تاليا.
تضخم السوق
من جهته قال د. شادي فؤاد خوندنه رئيس مجلس إدارة مجموعة شركات اسبيشال دايركشن إنه بحلول 2020 سيكون حجم سوق إنترنت الأشياء أكبر من سوق الهواتف المحمولة وأجهزة الحاسوب والأجهزة اللوحية مجتمعين بمقدار الضعفين! حيث سيصل عدد أجهزة إنترنت الأشياء إلى 35 مليار جهاز متصل بالإنترنت. متوقعا أن تصل إيرادات سوق إنترنت الأشياء إلى أكثر من 600 مليار دولار في عام 2020.
وأضاف أن عصر البيانات الضخمة Gig Data سيعيش مستويات جديدة حيث ستولد الأجهزة في عالم إنترنت الأشياء بحلول 2020 ما يزيد على 40 ألف إكسا بايت من البيانات، ما حجم ضخامة هذا الرقم؟ 40 ألف إكسا بايت = 40 تريلليون جيجا بايت، وهي المساحة التي تكفي لتسجيل كل الكلام الذي نطق به البشر صوتيا وبجودة عالية من عصر سيدنا آدم إلى يومنا هذا!
وأشار إلى أن الاستثمار في الشركات الناشئة في مجال إنترنت الأشياء تضاعف 10 مرات خلال الــ 5 سنوات الماضية. لافتا إلى أن سوق أتمتة المنازل وأنظمة المنازل الذكية سيكون أكبر سوق لإنترنت الأشياء في قطاع المستهلكين بنهاية 2020، بينما ستشكل أنظمة البنية التحتية أهم المشاريع الحكومية. تظل الشركات وقطاع الأعمال أكثر المنفقين على إنترنت الأشياء.
كما أن قطاع الأعمال سيستثمر 250 مليار دولار في تقنيات إنترنت الأشياء خلال السنوات الخمس القادمة، 90% منها سيذهب للاستثمار في الأنظمة والبرمجيات التي تشغل هذه الأجهزة.
وكيف ستستثمر جميع القطاعات في إنترنت الأشياء؟ القطاع الصناعي أكبر المستثمرين وأجرأهم في تبني التقنيات الجديدة.
وتحدث عن إنترنت الأشياء قائلا تستيقظ صباحا وتفرش أسنانك باستخدام فرشاة الأسنان الذكية التي تخبرك كم من الوقت استخدمتها وهل قمت بتغطية جميع أنحاء فمك ونظفته بطريقة سليمة أم لا!
وتلبس ملابسك وتستعد للخروج من المنزل ولكنك تقف للحظات أمام المرآة الذكية التي تطلعك على حال الطقس وآخر الأخبار ومعلومات عن حال الطريق، قد يمتد وقوفك لدقائق وإذا قررت قراءة ملخص الأخبار أو متابعة تغريدات من تتابعهم على تويتر!
وفي الطريق إلى عملك تقف عند مقهى «ستاربكس» لتشتري «قراندي لاتيه» وتطلب من البائع تعبئته في كوبك «الذكي» الذي كلفك شراؤه 200 دولار وذلك ليخبرك الكوب بأن ما سكبه البائع لك هو فعلا... لاتيه!
مستقبل الثقافة
وتطرق الدكتور خالد عزب إلى أن هناك جدلا عميقا على الساحة الدولية حول مستقبل الثقافة، ففي كل دولة يبدأ الحوار من دور المثقفين إلى هل هم فئة مهمة إلى دور الثقافة في بناء خصوصية المجتمع والدولة. لكن دعونا نحدد من هو المثقف، المثقف: هو من يعمل في أي مجال من مجالات إنتاج المعرفة أو نشرها، لقد كانت المشكلة إلى سنوات ليست ببعيدة هي الحصول على المعلومات، فأصبح من يختزن في ذاكرته كمية كبيرة من المعلومات ويستطيع أن يربطها ليقدم رؤية تقوم على المعلومات المتراصّة في صورة متتابعة، هو المثقف. لكن بعد انفجار المعلومات في عصر الإنترنت، بات إنتاج المعرفة والعاملين عليها هم الأهم، فالمقولة الشهيرة  «المعرفة قوة» تدل على إنتاج المعرفة وليس فقط حيازة المعلومات هي الوسيلة الوحيدة لضمان البقاء والاستمرار، في عصر بات فيه الصراع السياسي والاقتصادي والعلمي والثقافي على أشده، لفرض الذات على الآخرين. من هنا نستطيع أن نفهم ظهور مصطلح Digital Gap الفجوة الرقمية، هذه الفجوة التي تتزايد يوما بعد يوم في وقت يثير فيه منتجو المعرفة الرقمية مشكلات مستمرة، مثل إخضاع الشبكات الرقمية لرقابة صارمة، وإثارة عقبات مثل حقوق الملكية الفكرية، وفرض أسعار مبالغ فيها على البرمجيات مما يحرم من لا يملك المال من امتلاك المعرفة العصرية.
وعن قطاع المعلومات قال هو القطاع الذي يشمل كل الأنشطة المعلوماتية في الاقتصاد فضلا عن السلع المطلوبة بهذه الأنشطة. وقد أشار (ماكلوب - Machlup) إلى قطاع المعلومات على اعتبار أنه صناعات المعرفة والتي تضم الأقسام الخمسة التالية: التعليم - البحوث والتنمية - الاتصالات - آلات المعلومات وخدمات المعلومات.
كما يورد (نيك مور- Moore) «إن قطاع المعلومات هو الذي يتكوّن من المؤسسات في كلا القطاعين العام والخاص، تلك التي تنتج المحتوى المعلوماتي أو الملكية الفكرية، وتلك التي تقدم التسهيلات لتسليم المعلومات للمستهلكين وتلك التي تنتج الأجهزة والبرامج التي تمكننا من معالجة المعلومات».
وبناء عليه، يمكن تقسيم المعلومات إلى ثلاثة أقسام رئيسية على النحو التالي:
- صناعة المحتوى المعلوماتي.
- صناعة تسليم (بث المعلومات).
- صناعة معالجة المعلومات.
وختم بالقول - ضرورة التنبيه إلى صعود دور المجتمع المدني في الحياة الثقافية خلال السنوات القادمة، خاصة بعد ما أتاحته شبكة الإنترنت من مجالات جديدة أمام المثقفين للتغيير.
- ضرورة إعادة هيكلة المنظمة العربية للثقافة والفنون والعلوم (الإلكسو) لكي يكون إلى جانب مجلس الوزراء العرب (التعليم - الثقافة) الذي يقرر سياستها مجلس آخر للمثقفين والمؤسسات الثقافية المستقلة، فضلا عن أهمية دعم ميزانيتها.
- تعزيز دور كتاب الجيب مثل سلسلة «عالم المعرفة» في الكويت، و«المكتبة الثقافية»، و«اقرأ»، و«كتاب الهلال»؛ لما لها من تأثير إيجابي في الثقافة العربية.
- إعادة النظر في منظومة الثقافة العربية الرقمية لكي تنتقل من العشوائية إلى الإبداع واكتشاف المبدعين وتعزيز الثقافة العربية.
- إن مستقبل الثقافة في الوطن العربي ينبئ عن ميلاد المثقف المستقل عن منظومة تقليدية قامت على احتضان الدولة للمثقفين بإدخالهم حظيرتها، يعود ذلك إلى أن شبكة الإنترنت خلقت فضاء أوسع للنشر غير مكلف ماديّا، يتيح لهذا المثقف التعبير عما لديه. وسيشكل بعض المثقفين تيارات فكرية جديدة، وسيظل البعض يعمل بصورة منفردة.
- ظهور المثقفين بعيدا عن العواصم، فمركزية ثقافة العاصمة كالقاهرة ودمشق وبيروت وغيرها، سينتهي عصرها، وسنشاهد محاولات لظهور أدباء أو مفكرين خارج نطاق هذه العواصم، وستكون شبكة الإنترنت هي محطة انطلاق هؤلاء.

المداخلات
أكد خليل علي حيدر أن هناك تقصيرا كبيرا في مجال خدمة اللغة العربية في الوطن العربي، معتبرا أنه مازالت تلك الدول تضع قواعد عامة ولم ترتق إلى التخصيص الدقيق.
وأضاف حيدر: مازال هناك كثير من الأشياء المفقودة في المدرسة العربية.
واستنكر جمال غيطاس استخدام اللغة العربية الفصحى في مواقع التواصل الاجتماعي، قائلا: «لماذا ننظر إلى الفيس بوك أو تويتر على أنه بيئة تكون السيادة فيها للغة العربية؟»، معتبرا أنهما بيئة جديدة لها أدواتها الخاصة، كما أنها انعكاس لما يدور في الحياة العامة.
واختتم فايز الشهري بالقول: إن القاعدة الآن تقول «أنت بما تشاهد».



Happy Wheels