كلمة الأمين العام م. علي اليوحة ومنسق الندوة د. محمد الرميحي في افتتاح اعمال الندوة

27 يناير, 2016

 

 

 

 


ثمَّن الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب المهندس علي اليوحة منافع الشبكة العالمية للمعلوماتية، ودورها في اختصار الجغرافيا وحدودها واستحضار التاريخ ومساراته، واحتضان العلم والأدب والفن، مؤكدا أنها فتحت لنا العالم علي مصراعيه، إلا أنه على الرغم من كل هذه المزايا المتعددة، فإنها ينبغي ألا تشغلنا عما يمكن أن تثيره هذه الشبكة من خطر وما تشعله من حرائق.
وشدد، في كلمته خلال افتتاح فعاليات ندوة «الشباب وأدوات التواصل الاجتماعي .. الفرص والمخاطر»، ضمن فعاليات الدورة الثانية والعشرين من مهرجان القرين الثقافي، على أن أهمية هذه الندوة تتضاعف مع بدء احتفال دولة الكويت باختيارها عاصمة للثقافة الإسلامية للعام 2016م، مشيرا إلى أن هذا يستدعي النظر إلى الشبكة العالمية للمعلوماتية بوصفها تحديا حضاريا وثقافيا وأخلاقيا، واكتشاف التأثيرات السلبية والإيجابية الواقعة على ثقافتنا العربية والإسلامية، للوصول إلى صيغة موائمة للتفاعل مع ثقافات أخرى بشكل يؤدي إلى الاستفادة من الإرث الإنساني المتراكم.
وأضاف: «ولعلي لا أسوق جديدا حين أقول إن شبكة الإنترنت الرقمية، وما  صارت تحتضنه من مواقع التواصل الاجتماعي، غدت محيطة بأدق تفاصيل حياتنا اليومية، ليس فقط لأنها تحيط بنسيجها المتشابك أرجاء العالم، وتتداخل مع تفاصيل مهننا وأعمالنا، وتقتحم علينا أعماق بيوتنا، حتى أصبحت ومن دون مبالغة محور حياتنا، وعمود الخيمة في حضارتنا الانسانية منذ ربع قرن، بل أيضا لأنها بتعقيداتها وغزارة معلوماتها وكثافة متابعيها، التي تشير تقديرات الاتحاد الدولي للاتصالات إلى أن هناك 3 مليارات مستخدم للإنترنت، ويحتل الفيس بوك أشهر المنصات الاجتماعية وأكثرها شعبية المركز الأول بأكثر من مليار مستخدم، والواتس آب في المركز الرابع بـ 400 مليون، وتويتر بـ 272 مليون مستخدم، وهذا يدل على أنها باتت مصدرا للمخاوف والأضرار والتداعيات المناوئة للسلام والأمن، سواء في المجتمعات المحلية أو في العالم الخارجي».
وتابع اليوحة: «الجميع يدرك المنافع الجمة للشبكة العالمية للمعلوماتية، وما تتيحه من مواقع التواصل الاجتماعي، فقد اختصرت الجغرافيا وحدودها واستحضرت التاريخ ومساراته، واحتضنت بفضائها الهائل العلم والأدب والفن، فلم نعد نحتاج إلى أكثر من كبسة زر حتى ينفتح لنا العالم على مصراعيه في لحظة واحدة، لكن مهما كانت المناقب كبيرة والمزايا متعددة، فإنها ينبغي ألا تشغلنا عما يمكن أن تثيره هذه الشبكة من خطر، وما تشعله من حرائق، بنشرها معلومات خاطئة وصنعها رأيا عاما غير مستنير، خاصة أن أغلب مستخدميها من الشباب والناشئة الذين يعول عليهم وطننا العربي الكبير للإسهام بدور أكبر في حضارة العالم، والمشاركة في صنع قراراته المصيرية.
وأشار إلى أنه من هنا تأتي أهمية هذه الندوة، معربا عن أمله أن تؤتي ثمارها بالتعمق في «عاصفة الانترنت التي تجتاح العالم»، تأصيلا وتحليلا، بهدف بناء نظرة موضوعية بعيدة عن التهويل والتهوين، حتى نستطيع التحكم في طاقة واتجاه هذه العاصفة، وتسخيرها لمصلحة المجتمع والدولة، فتصبح الشبكة العالمية للمعلوماتية رقما مضافا إلى موارد الوطن وليست عبئا على كاهله.
وأعرب اليوحة عن أمله أن يضع ضيوف الندوة من المتخصصين علامات مضيئة على الطريق في هذا الفضاء المبشر والمرعب في آن واحد، خصوصا أن منطقتنا تواجه تحديات جسيمة في عالم لايزال ينقصه كثير من الاستقرار، مضيفا «وجميعنا يحدونا طموح أن جهودكم في هذه الندوة، ستتيح لنا أن نجعل من شبكة الإنترنت إحدى الايجابيات لحل مشكلاتنا، بدلا من أن تكون نقيصة تضاعف من هذه المشاكل».

العصر الرقمي
من جانبه قال المنسق العام للندوة د. محمد الرميحي، في كلمته بمناسبة الافتتاح: نحن نعيش في هذا العصر الرقمي في بيوت من زجاج، بسبب الثورة غير المسبوقة في وسائط التوصل التقني، أي نحن في وسط الزلزال الأكبر، حيث أصبح يتوافر اليوم لفلاح نيجيري يقف على ضفة نهر كروس قدرة هائلة للتواصل مع العالم لم تتوافر مثلها منذ سنوات قليلة للرئيس الأمريكي رونالد ريجان، بيت الزجاج هو في المكتب والبيت والسيارة والطائرة، لم يعد شيء بخاف عن الآخر.
وأكد أن تلك الثورة تحمل تغيرا جذريا للاقتصاد والعلاقة الاجتماعية والفن العسكري والعلاقات السياسية والدولية واللغة، وحتى حياتنا في البيت، مشيرا إلى أنه منذ عامين فقط، نشرت شركة رقمية تسمى «مانديانت» أن الجيش الأحمر الصيني يقوم بشكل منظم بسرقة معلومات تجارية وعلمية من شركات غربية، وفي أغسطس 2012، تعرضت شركة أرامكو العملاقة لتخريب رقمي هائل، حيث نزعت معلومات من 30 ألف كمبيوتر، وأصبحت غير قابلة للاستخدام.
وأضاف الرميحي: «شؤننا المالية والصحية والمعرفة الشخصية كلها مبنية على الشبكة الرقمية، وكلها معرضة لأن يطلع عليها آخرون أو يسرقوها أو يخربوها، وعلى المستوى الشخصي نستمع إلى قصص أن بطاقات الائتمان صرفت في أماكن لم يكن أصحابها موجدين فيها، ولولا الشبكة الرقمية لما عرفنا ويكليكس وفضائحه على مستوى العالم، بيوت الزجاج لها من جانب غواية ومن جانب آخر هداية، هذه المعادلة الصعبة هي التي تواجه شبابنا اليوم، وهم ملتصقون بأجهزتهم الرقمية في عصر انفجار الهويات الفرعية وتصادمها.
وذكر أن نسبة الشباب في عالمنا العربي تقارب 70% من السكان، وهم اليوم معرضون كل ساعة إما إلى غواية وإما لهداية، والغواية هي الأكثر ضررا، فنتاجها استقطاب حاد وغير مسبوق في صراع الهويات وانبثاق المصادمات.
وبين أن الدول التي تقوم بالتخطيط تستخدم هذه الشبكة لتحقيق أهدافها من خلال معرفة علمية بالمجتمع، سواء كان مجتمعها أو المجتمع الآخر، مشيرا إلى أنه منذ سنوات قررت اسرائيل شن هجوم على قرية جنين الفلسطينية، وفي الوقت نفسه برمجت فيلما فاضحا للبث حتى يتسمر الشباب أمام الشاشات ويقوم الجيش الاسرائيلي بجريمته بأقل مقاومة.
وقال الرميحي: «العنف والجريمة والانحراف وشن حملات لقتل الشخصية والتربح السياسي أو التجاري والتجنيد، أصبحت جميعها تستخدم هذه الوسائل من أجل حرف وعي أو خلق وعي مضاد، ويقابل ذلك نقص شديد في المناعة المنهجية لدى شبابنا، مبينا أنه يتوافر لدينا اليوم معلومات قام بجمعها آخرون تناقش المناهج والطرق التي تتبعها الحروب الثقافية ضدنا، والتي لا يتوافر لها مصل مضاد في ثقافتنا، نواجهها برب عائلة صامت، ومدرسة منكفئة، وسياسة عامة تتوخى الحذر لا المواجهة، تعالج الفروع لا الجذور، وتراخ مجتمعي في خدر لذيذ».
واختتم الرميحي كلمته قائلا: «لذلك اجتمعنا هنا مع هذه النخبة لنتدارس حجم الاستبداد الذي تقوم به تلك الوسائل في تشكيل ثقافة أجيالنا بشكل سالب، وحجم التهميش لقطاعات واسعة من مجتمعنا، وزرع افكار توسع الارتياب بيننا وتشيع كما من جبال الوهم تحيط بنا في شكل شعوذة وخرافة، لحرف أهدافنا وتعطيل تنميتنا، ونحن نعتقد أننا مستورون، وفي الحقيقة نحن مكشوفون، ولعل مداولتنا في هذين اليومين تشكل أول الجسر الذي نعبر به من ضفة الغواية إلى ضفة الهداية، وتضيء أعمال ندوتنا هذه شمعة مستحقة لإنارة الطريق المظلم».

Happy Wheels