«قصة حلم» ... القيمة والإبهار في إطار غنائي استعراضي هادف

15 يونيو, 2014

لا يختلف اثنان على أن الفكرة هي قوام نجاح أي عمل فني لاسيما المسرح ونحن بصدد المهرجان العربي لمسرح الطفل نجد أنفسنا أمام منصة مهمة وخطرة في الوقت نفسه من جهة مخاطبة شريحة عمرية تمثل لبنة أي مجتمع، وفي وقت اتسم فيه الطفل بالانفتاح على ثقافات عدة و أصبح لديه حس نقدي وقدرة على فرز الأعمال وتقييمها. والمتابع لعرض فرقة مسرح الخليج العربي من الكويت «قصة حلم» يلمس مدى انسجام الحضور من جمهور الأطفال مع ما قدم على المسرح في ظل حرص فريق العمل على إيقاع سريع لم يهبط طوال العرض وتغيير المشاهد والثراء البصري والأداء التمثيلي المميز للعديد من الشخصيات التي بدا واضحا مدى اشتغالهم على «الكركترات» التي قدموها.

شهد العمل حضورا كبيرا خصوصا من الأسر التي حرصت على اصطحاب الأبناء بينما تواجد الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب المهندس علي اليوحة وقيادات المجلس.
وبالعودة إلى العمل الذي عرض على مسرح الدسمة نلحظ التوازن في القصة التي صاغ المؤلف نوار القريني أحداثها بذكاء فجمع بين بساطة الفكرة التي يريد أن يوصلها وهي «الجزاء من جنس العمل»، مستعرضا بعض القيم التربوية الهادفة والتشويق والإثارة في طرحها عندما قدمها في قالب مغامرة وتعمد عدم الإفصاح عن سر المسرحية إلا في النهاية، وأخيرا فإن الكاتب تعمد المزج بين الحوار العادي والغنائي في تنويع يحسب له، وإن أخذ على القريني أنه استنطق شخصياته بالعامية ولكنه ابقى على أسماء أجنبية ما يتنافى مع المنطق حتى إن كانت الأحداث كلها درب من الخيال.
في المقابل لجأت المخرجة منال الجارالله في ترجمة العمل بصريا إلى الإبهار بالدرجة الأولى فالسينوغرافيا بدأت من الديكورات التي اعتمدت على قطع صغيرة ومتحركة تتغير من مشهد إلى آخر إلى جانب الإضاءة التي اتسقت وأجواء كل مشهد وساهمت في الاستئثار بانتباه الأطفال طوال العرض، وكذلك الأزياء التي تماشت وفكرة العمل فكانت معبرة عن الحقبة التي تدور فيها الأحداث وأخيرا الموسيقى والمؤثرات الصوتية.
وبدا واضحا مدى اشتغال المخرجة الجارالله على التمثيل رغم التفاوت في درجة حضور وتمكن الممثلين إلا أنهم قدموا أنفسهم بصورة جيدة وانعكس حبهم للعمل على الخشبة من ناحية الأداء والتحركات والكوميديا التي كانت مبنية على مواقف وغير مصطنعة لاسيما الثنائي إبراهيم الشيخلي وسامي مهاوش، بينما أجاد أيضا يوسف البغلي في دور تورست وعقيل بدر في شخصية جونيور.
وتدور أحداث المسرحية حول بيوتي كوين الأميرة التي انقلبت حياتها رأسا على عقب رافضة الزواج حيث نكتشف لاحقا أن ذلك بسبب هاجس يطاردها بأن كل من يريد الزواج منها هدفه الوصول إلى كرسي الحكم بعد رحيل والدها الملك الذي لا يعرف نوايا ابنته ويحتار في أمرها حتى يشير عليه عابر سبيل والذي يتضح بمرور الأحداث أنه الساحر الخير تورست بأن يذهب للحطاب جونيور لعله يجد عنده الحل حيث إن الحطاب الشاب معتكف على أطرف القرية يعمل بكد ويقطن كوخ والده يمد يد العون للجميع دون استثناء، ونتابع من خلال العمل أن جونيور يحلم بالأميرة المسحورة تشكي له أحوالها إلى أن يلتقي يوما تورست الذي يقنعه بأن يذهب معه في رحلة إلى القرية ليتعرف على الحياة.
وفي الطريق يلتقيان سويا تاجر أقمشة في مأزق بعد عطب إحدى عجلات عربته فيساعدانه ويرافقانه إلى داخل سوق المدينة حيث عالم آخر مليء بالمفاجآت ما يتيح للطفل التعرف على الصالح والطالح والافعال الإيجابية ونقيضها من خلال مواقف مبنية على كوميديا الموقف فهناك داخل السوق كان الحكواتي نموذج يروي قصة قصيرة مستخدما بعض الدمى وخلال جولته ورفيقه يصطدم جونيور بحقيقة الأميرة التي تأمر حراسها بالعبث في السوق اذ دمروا عرائس الحكواتي وبعض المتاجر وهنا نجد أن يوسف البغلي أو تورست يلعب دورا إيجابيا مرة اخرى في مد يد العون لتجار السوق.
ورغم تحذيرات التجار لكن جونيور يبدي رغبة ملحة في الارتباط بالأميرة التي تطرح أسئلة ثلاثة على من يريد الزواج بها وتأمر بقتل من يخطئ وعندما لمس تورست تعلق صديقه بالأميرة قرر مساعدة الحطاب الشاب فيقصدان سويا قصر الأميرة ليطلب جونيور الزواج بها. في الوقت نفسه نتابع من داخل حجرة الأميرة الساحر الشرير الذي يوعز إليها بالسؤال الذي ستطرحه على الخاطب الجديد ويتواجهان أمام الملك الحطاب والأميرة وعندما تطرح سؤالها الأول عما يدور برأسها فيبادرها جونيور بالإجابة الصحيحة ما يضعها في مأزق ويتبقى أمامه سؤالان ويمر اليوم الثاني أيضا بسلام على جونيور - عندما يفاجئ الأميرة بإجابته السليمة ويتبقى أمامه الاختبار الأخير، هذا ما أثار غضب الساحر الشرير ويتفق مع الأميرة على أن تسأل الحطاب عما يدور في خلدها على أن تكون الإجابة الجوهرة التي على رأس الساحر. في تلك الأثناء تحدث المواجهة بين الساحرين تورست الذي يمثل الخير والساحر الشرير يتغلب فيها الخير على الشر وبنهاية العرض يجيب جونيور عن السؤال الأخير وتورست يكشف السر ويرفع عن الأميرة هيمنة الساحر الشرير ويؤكد للحطاب الشاب أنه غرس الخير بمساعدته لكل عابر سبيل فكان الجزاء من جنس العمل.

«قصة حلم»
العرض لفرقة مسرح الخليج العربي – الكويت، تأليف نوار القريني وإخراج منال الجارالله.
بطولة: عقيل بدر، منال الجارالله، يوسف البغلي، خالد السجاري، موسى كاظم، ابراهيم الشيخلي، عبدالله البصيري، ميثم الحسيني، نوف جواد، محمد الصحاف، فريد خالد، سامي مهاوش، بالاشتراك مع فرقة جلاكسي غروب وفرقة mb شعيبي في الاستعراض.

Happy Wheels