في الجلسة الثانية ناقشت الندوة محور اهتمامات الشباب العربي بالمحتوى الرقمي والتواصل الاجتماعي

26 يناير, 2016

الجلسة الثانية

 

 

 


في الجلسة الثانية ناقشت الندوة محور اهتمامات الشباب العربي بالمحتوى الرقمي والتواصل الاجتماعي «الحقائق والخرافات» شاركت فيها بسمة البناء من مملكة البحرين، ود. بشاير الصانع من الكويت، ود. أنور الرواس من سلطنة عمان.
بداية تحدثت بسمة البناء عن شبكات التواصل الاجتماعي: «تعتبر شبكات التواصل الاجتماعي في عصرنا الحالي من أهم الأدوات التي يحصل منها الأفراد على المعلومات والأخبار، كما تمثل وسيلة مهمة وفاعلة في التواصل ما بين الأفراد والجماعات، فقد أسهمت في انبثاق منظومة تفاعلية إلكترونية، سمحت للجمهور (المتلقي) لأول مرة بلعب دور «المرسل»، وأصبح باستطاعته أن يصنع المحتوى الإعلامي، من خلال الإمكانيات التكنولوجية المتوافرة لديه، وأن يقوم بنشره إلى ملايين البشر، وفق القالب الذي يشاء من دون المرور بحارس البوابة، محطما بذلك القيود التي فرضتها المؤسسات الإعلامية التقليدية في احتكارها للمعلومات والأخبار، وفق أجندات خاصة بها، تتحكم - إلى حد بعيد - في خيارات الجمهور وتملي عليه ما تريد، فضلا عن دورها البارز في خلق الآراء والاتجاهات وتشكيل المواقف لدى الشعوب والحكومات، فقد كان للإعلام الإلكتروني من خلال شبكات التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر ويوتيوب دور مهم في تفجير الثورات العربية أو ما سمي بـ «الربيع العربي»، وبالأخص من قبل الأوساط الشبابية، ولم يكن ذلك ليحدث إلا في ظل الزخم الكبير للمعلومات والأخبار والأفكار والتجارب التي صاحبت حركة الحشد الجماهيري، إضافة إلى التحولات الهائلة في ثقافة المجتمع العربي الذي ظل لعقود طويلة عصيا على التغيير لعدة عوامل منها: طبيعة تركيبته المجتمعية المعقدة ذات الطابع القبلي والصبغة الدينية، أو بسبب القيود السياسية والاقتصادية والاجتماعية أو بحكم العادات والتقاليد.
ونظرا إلى تزايد إقبال الناس من مختلف الأعمار والطبقات والتوجهات على التعامل بكثافة مع وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح هناك حراك ثقافي واسع داخل المجتمعات العربية، وزخم كبير في تداول الأخبار بكل الأشكال المكتوبة والمسموعة والمرئية، بالإضافة إلى تبادل الأفكار والآراء، وتكوين العلاقات الاجتماعية والصداقات، مما أدى إلى زيادة التبادل الثقافي والمعرفي المحلي والعالمي على حد سواء.
 لكن في المقابل نظرا إلى هذا التفاعل والتواصل الاجتماعي والثقافي بين أطراف مجهولة الهوية في أغلب الأحيان، والذي يتم في ظل انعدام الرقابة واضمحلال الرادع الأخلاقي الذاتي وانخفاض مستوى الوعي لدى بعض المستخدمين، ظهرت كثير من المشكلات على ساحات هذا العالم الافتراضي، تمثلت في كثرة تداول المعلومات المغلوطة والشائعات، والتعدي على حرية الأفراد والجماعات، بالإضافة إلى عدم احترام العادات والتقاليد للمجتمعات، وانتهاك حقوق الملكية الفكرية والأدبية والتجاوزات الأخلاقية والدينية. كما برزت سلوكيات غير متحضرة في التعامل مع الآخر المختلف فكريا أو سياسيا أو مذهبيا أو عقائديا، خلّف ذلك انعكاسات واضحة بعضها يشكل خطرا جليا قد يهدد تركيبة المجتمع العربي وثقافته وتماسكه وسلمه الأهلي.
وخلصت إلى القول: إن استحواذ المحتوى الرقمي والتواصل الاجتماعي في زماننا هذا على كل اهتمامات الشباب العربي حقيقة صارخة، علينا أن نتنبه إلى ضرورة دراستها وتحليل أبعادها وما يمكن أن تؤول إليه نتائج تأثيراتها على مختلف البنى الاجتماعية والاقتصادية والروحية، ولا شك في أن لهذا التوجه العالمي صلة بكسب العديد من المعارف والمهارات والصلات الإنسانية إلى جانب ما يعتري هذا التوجه الجارف من سلبيات، حاله حال كل المعطيات التي تفرزها متغيرات الأزمنة وأنماط الحياة المتجددة باستمرار. وأن القضية تكمن في مدى وعي الإنسان واختياراته.
وفي حقيقة تلك العلاقة تبرز أمامنا 3 أمور:
1 - الإدمان على التعامل مع ذلك المحتوى.
2 - استهلاك الوقت.
3 - الجنوح بالمحتوى ذاته إلى الضحالة والخواء الفكري.
فالإدمان بصفة عامة حالة مرضية معقدة لا بد قبل معالجتها من دراسة جذورها ومسبباتها، ولا شك في أن الفراغ والضياع الذي يعيشه أغلب الشباب العربي سيكون واحدا من جذور هذه الحالة.
ولا بد من قياس قيمة الوقت الذي يمضيه الشباب في انسياق التعامل مع المحتوى الرقمي ومدى تأثير خسران هذا الوقت من حياتنا اليومية، فالمحتوى الرقمي مفتوح أمام الشباب، والغالبية العظمى من الشباب العربي تمتلك أكثر من جهاز يتم تناقل المحتوى الرقمي من جهاز إلى آخر كي لا تفوت دقيقة خارج هذا المحتوى، مما يعني تسخير ساعات النهار وربما الليل للانشغال بهذا المحتوى الرقمي، فأي الوقت ترى للدراسة أو العمل وبقية أمور الحياة الأخرى.

تغييرات جذرية طرأت مقابل تغيير النموذج الكلاسيكي الموروث
وقال د. أنور الرواس في ورقته الشباب وأدوات التواصل الاجتماعي – الفرص والتحديات: عندما قررت الدول الدخول في المنظومة العالمية، وتحديدا تحت مظلة الأمم المتحدة، ومن خلال الهيئات الدولية، كانت تدرك التغييرات القادمة وما يمكن أن يحدث من تطورات مذهلة قد تصل إلى زعزعة النظام العام في حدود تصورها وإدراكها لمفهوم التطور. فالعالم الذي كنا نسمع عنه أو عشنا بعض من مراحله السابقة قد أفل، واستوسدت الأفكار الجديدة التي تحمل التقارب بين الشعوب، واختزلت المسافات بفضل الأقمار الاصطناعية. فلم تعد هناك سري، وسري للغاية، ومحدود التداول، ولم يعد لها وجود في عالم السماوات المفتوحة، فالتقنية تطورت وفرضت معطيات جديدة على الساحة بفضل الاتصالات الحديثة من خلال المعلومات التي تتدفق بكل سهولة ويسر.
فالمعلومات المتدفقة من كل حدب وصوب باتت تعيد تشكيل الأنماط السائدة التقليدية وتقولبها في إطار من فهم المجتمعات للمحتوى المعلوماتي الذي هو الآخر يأخذ أشكالا متعددة مثل الأخبار التي تحدث، وكذلك الاتجاهات الفكرية التي تعتمد على أيديولوجيات متعددة في السياسة والدين والفكر الاقتصادي المدعوم من ثقافة العولمة.
وتابع: لم تعد الدول أو الحكومات تخشى على نفسها من أطراف أخرى، بقدر خشيتها من نشوء واقع منظم للجماعات أو الأفراد في عصر أبحت فيه التقنية العالية الجودة تمثل تحديا كبيرا لها. فقد ظهرت شبكات التواصل الاجتماعي أو الإعلام البديل الذي حرك الساكن وأزاح حاجز الخوف، وغير أنظمة للحكم في بعض الدول العربية (تونس، مصر، ليبيا، اليمن). كما أن الإعلام البديل أطاح بهيمنة الإعلام التقليدي وغير من مساراته في مواقف كثيرة من خلال تبني لغة الحوار - إلى حد ما – ضمن أجندته الإعلامية. وينظر لمستخدم الإعلام البديل أو شبكات التواصل الاجتماعي على أنه «الجمهور الفاعل أو النشيط».
وخلص الدكتور الرواس إلى القول: غني عن القول إن العصر الذي نعيشه هو عصر الإعلام وتدفق المعلومات، لكونه يمتلك خصائص فريدة تكمن في تشكيل الاتجاهات والتأثير المباشر وغير المباشر، وكذلك قدرته على الإقناع، إضافة إلى أن إعلام العصر يملك القوة الضاربة في صناعة الرأي العام وتنظيم هيكلها تجاه كثير من القضايا المحلية والإقليمية والعالمية. وأصبح الإيمان عميقا، بالدور الذي يؤديه الإعلام في تشكيل الرأي العام تجاه القضايا والموضوعات المختلفة، وبخاصة مع تنامي القدرات والإمكانات التكنولوجية التي تمكن الإعلام من قل الأحداث وتطوراتها في اللحظة نفسها. ولذلك يعول على الاتجاه الذي يتبناه الإعلام في معالجة القضايا والموضوعات المختلفة لما له من أهمية في تحريك اتجاهات الرأي العام نحو المسار نفسه.
وانطلاقا من الخصائص المميزة للإعلام الجديد (الاجتماعي) فقد طرأ تغير جذري على النموذج الاتصالي الكلاسيكي الموروث، الذي يتصف بأنه كان اتصالا خطيا يسير من أعلى إلى أسفل، وأصبح النموذج الاتصالي الجديد فرديا، تفاعليا يسمح للفرد العادي بإيصال رسالته إلى من يريد في الوقت الذي يريد، وفي جميع الاتجاهات، وتجاوزه للحدود المحلية والإقليمية والدولية.
وتحدثت د. بشاير الصانع عن تكنولوجيا الاتصال بين الواقع والوهم... في البداية قالت: تكنولوجيا الاتصال ليست منتجا محليا أو حكرا على أي مجتمع يستطيع أ‍ن يدعي أنه هو من طوره، لافتة إلى أن وسائل الاتصال هي منتج عالمي، مؤكدة أن تطور واستخدام هذه التكنولوجيا هما عملية تراكمية وتشاركية من قبل الجميع وعلى مر الفترات الزمنية التي تم فيها تطوير هذه التقنية.
وأوضحت أن من أهم خصائص التكنولوجيا أنها غيرت الحياة البشرية سلبا وإيجابا، لكن يجب أن نميز ما يمكن أن نستفيد منه من هذه التكنولوجيا عن طريق تفعيل مبادئ الوعي في الاستخدام للكبار والصغار.
معتبرة أن الوعي في الاستخدام أصبح أكثر ضرورة من ذي قبل، خصوصا بعد تفشي التكنولوجيا بين الأطفال والمراهقين.
وأضافت: إن منع التكنولوجيا عن الأفراد أصبحت مسألة غير واقعية حيث إنه أصبح من المستحيل حاليا منع معلومة عن شخص، حتى الأطفال، فلا بد من تفعيل مبدأ  الرقابة والوعي والحرية والمسؤولية بدلا من الحذف والمنع بشكل تام.
وتابعت: يجب تيقنة الاتصال بيننا أم أنسنته؟ بمعنى هل الخصائص التكنولوجية التقنية هي من تحركنا أم أن الخصائص الإنسانية ونحن كواقع كأفراد بصفاتنا الإنسانية نساهم في تطوير هذه التكنولوجيا وطرق استخدامها؟ هذا السؤال مازال يبحث عن إجابة.
ومازلنا لا نمتلك إجابة عنه، حيث إن التكنولوجيا تأخذنا في مسارات مختلفة بعضها سلبي وبعضها إيجابي.
وختمت إلى أن نسب النمو في استخدام التكنولوجيا تصل إلى 1000%، وهي نسبة رهيبة، موضحة قلة الدراسات المسحية التي تقيس آثار التكنولوجيا في مختلف الجوانب وتقدير آثارها بشكل فعلي ودقيق.
وأشارت إلى المخاطر العديدة لوسائل التواصل الاجتماعي قائلة إن جهاز نقال واحد فقط قادر على تلويث 600 ألف لتر من الماء، كما أن هناك العديد من الامراض النفسية والجسدية نتيجة التعرض للموجات الكرومغناطيسية.
لافتة إلى أن الإفراط في استخدام التكنولوجيا يؤدي إلى العمى غير المتعمد، حيث يمكن أن تحدث الكثير من الأشياء من حولنا ولا ننتبه لها، وفقدان الانتباه والتركيز، وصولا إلى الموت نتيجة حوادث السيارات بسبب انشغالنا بوسائ‍ل الاتصال.
وقالت: إن تلك الوسائل تسبب الكثير من الأمراض النفسية والتي منها الاكتئاب والنرجسية والعزلة.
ودار نقاش بعد إنهاء المحاور وتساءل داهم القحطاني قائلا: يهمنا تعزيز الإيجابيات والحد من السلبيات هل هي مهمة من؟ مشروع وطني كيفية التعامل مع وسائل التواصل وكل جهة تعمل بمعزل عن الأخرى.
أما الجوهرة الجطيلي فقالت: المواطن الخليجي أصبح إعلاميا ولا بد من آلية لتأهيل المواطن العادي ليصبح إعلاميا مميزا.

Happy Wheels