انطلقت فعاليات الجلسة الأولى من الندوة الرئيسية لمهرجان القرين الثقافي الـ 22

26 يناير, 2016

الجلسة الاولى

 


انطلقت فعاليات الجلسة الأولى من الندوة الرئيسية لمهرجان القرين الثقافي الـ 22 لتناقش واقع ودلالات المحتوى الرقمي العربي، والتي حاضر فيها الصحافي جمال غيطاس، والباحث د. الحسن مصدقني؛ لينفرط حبل النقاش حول الشبكات الاجتماعية وصولا إلى نقد مجتمع المعلومات والاتصالات من أجل الوصول إلى خارطة طريق معرفية لتأهيل الشباب العربي لقيادة الثورة التكنولوجية والفكرية.
بداية قال خبير المعلوماتية والكاتب الصحافي في جريدة الأهرام ومؤسس مجلة لغة العصر الأستاذ جمال غيطاس، من جمهورية مصر العربية، خلال محاضرة قدمها أثناء حديثة في المحور الأول من الجلسة الصباحية الأولى، تحت عنوان «الواقع والدلالات للمحتوى الرقمي العربي»، إن المحتوى المعلوماتي المجتمعي يتنوع ما بين عسكري أمني، واجتماعي، وفكري وسياسي، واقتصادي وخدمي، وعلمي وبحثي.
وأوضح أنه من أجل الوصول إلى صورة واقعية للمحتوى العربي، جمعت عينة من المحتوى العربي على الانترنت قوامها 20 مليونا و451 ألفا و84 وحدة من وحدات المحتوى، مسحوبة من مليونين و744 ألفا و412 قناة من قنوات النشر، سواء كانت مدونات أو مواقع أو منتديات أو شبكات اجتماعية وغيرها، مبينا أنه بعد فهرسة وتحليل هذه العينة، أمكن الخروج بصورة بانورامية عامة لواقع المحتوى العربي على الانترنت، تضمنت الملامح الآتية «كيان قزمي في عالم الانترنت، حركته الإجمالية تتراوح بين البطيئة والمعقولة، ونموه لا يكفي للانتقال به من  عالم الأقزام إلى عالم العمالقة، له قلب ينبض بمعدل قابل للملاحظة وأطراف ضامرة شبه ميتة، به العديد من الأجزاء الخاوية المنتفخة كبالونات الهواء والعديد من المناطق الحاملة للقيمة، بعض أجزائه نما مبكرا وشاخ وبعضها الآخر يبدو متعثر الخطوات.
وذكر أن التحليلات بينت أن هناك قيمة كامنة وعادات ضعيفة للمحتوى المعلوماتي في العالم العربي، موضحا أن عائدات المحتوى العربي تزيد قليلا على مليار و400 مليون دولار، في حين أن القيمة السوقية تزيد على 7 مليارات و700 مليون دولار، ويتحقق هذا العائد والقيمة من 111 مدونة و11 ألفا و985 موقعا فقط، في حين أن العدد الإجمالي لعدد قنوات نشر المحتوى العربي الرقمي ككل يتخطى مليوني قناة نشر.
وأشار غيطاس إلى أنه بالنظر إلى دلالات واقع المحتوى الرقمي العربي تبين أن هناك نقاطا للضعف ونقاط قوى، مبينا أن نقاط الضعف تمثلت في «تفوق قضايا الشأن الخاص على العام، ووجود خلل كمي وكيفي في القضايا المصيرية، المحتوى المجهول المصدر والجنسية وقنوات النشر الميتة الفاقدة للحيوية، المعاناة من تذبذب معدلات النمو والتقدم والتراجع، خلل في التوزيع الجغرافي حيث تتركز الأغلبية الساحقة في مصر والسعودية، عدم الاستعداد للمستقبل، وجود نسبة كبيرة من المحتوى العربي غير المرئي لمحركات البحث، الاهتمام باستخدام النطاقات الدولية والتجارية وإهمال استخدام النطاقات الوطنية، وهيمنة شريحة كبيرة من المحتوى المكتوب باللغة العربية خارج البلدان العربية».
وذكر أن نقاط القوة تمثلت في وجود تعبير حي عن الواقع والارتباط به، اتجاه ملحوظ من الانفلات إلى الرشد، اثبات القدرة على توليد القيمة والعائد، بروز علامات تحسن الجودة، تجاوز نشاط الجمهور مستوى النشاط الذي يقوم به مقدمو المحتوى، وجود محتوى مفتوح قليل القيود، وجود اتجاه نحو المحتوى التفاعلي والخدمي.
نقد مجتمع المعلومات
بدروه قال مدير أبحاث ودراسات مركز دراسات العالم العربي والشرق المعاصر بجامعة السوربون د. الحسن مصدقني، من المملكة المغربية، خلال محاضرة قدمها تحت عنوان «الشبكات الاجتماعية ونقد مجتمع المعلومات والاتصالات»، إن شبكات التواصل الاجتماعي تندرج تحت الانترنت التشاركي، مبينا أنه يقصد بها التفاعلات الجموعية التشاركية التي يقوم بها رواد الانترنت عندما يتفاعلون من خلال الشبكات أمثال فيس بوك، ماي سبيس، ديلي موشن، تويتر، يوتيوب، وفليكر، وغيرها.
وأكد أن ما نعيشه اليوم من تفاعل رقمي سريع وانتشار مذهل للمعلومات، وتأثير فاعل للتقنيات الجديدة في مجال الاتصال، يفرض علينا اماطة اللثام عن الفلسفة التي تؤطرها، وبما يساعد في عدم وقوعنا في شباك الأيديولوجيا التقنية، وبما يحصن من مغبة الانجرار خلفها دون بصيرة.
وأضاف مصدقني: «يجب الاعتراف بأن الشباب العربي يتوجه اليوم نحو الانترنت الخاص بالمدونات واليوتيوب والفيسبوك وتويتر وغيرهم بكثافة، فالتكنولوجيا الجديدة في المعلومات والاتصالات وخصوصا الشبكة العالمية التشاركية التي لديها القوة والقدرة لتحرير أقواله، فما رأيناه في الأمد القريب أن كل واحد يمكنه أن يصبح منتجا بفضل الهاتف المحمول المصور، ويرسل رسائل قصيرة عبر الهاتف المحمول، بيد أن واقع هذه الشبكات معقد جدا، ففيها يوجد كل شيء ولا شيء، الحقيقي والمزور، من الاستعراض ومن التلصص والتشويش والشائعاتac».
وتابع: «ولعل الحكمة العربية في هذا الباب تقول «إن الطنين الزائد يصيب بالصمم!»، وهو ما يعني أن صعوبات التواصل ستكون احدى السمات الأساسية لمجتمع ينضح بالمعلومات من كل حدب وصوب، ولذلك أصبحت هذه التكنولوجيا مولدة وهدامة للروابط في آن واحد، وتحيط بها رهانات اجتماعية اقتصادية وتكنولوجية وسياسية، تحيل بالضرورة على تفكيك العامل البشري في المجتمع الشبكي لمعرفة الفلسفة والغاية التي تسعى إليها وتوجهها.
المحتوى الرقمي
من ناحيتها قالت المحاضرة في كلية الآداب بقسم الإعلام والسياحة والفنون بالمملكة البحرينية الأستاذة بسمة البناء، خلال محاضرة قدمتها بعنوان «اهتمامات الشباب العربي بالمحتوى الرقمي والتواصل الاجتماعي .. الحقائق والخرافات»: إن استحواذ المحتوى الرقمي والتواصل الاجتماعي في زماننا هذا على كل اهتمامات الشباب العربي حقيقة صارخة، علينا أن ننتبه إلى ضرورة دراستها وتحليل أبعادها وما يمكن أن تؤول إليه نتائج تأثيراتها على مختلف البنى الاجتماعية والاقتصادية والروحية.
وأضافت: «ولا شك في ان لهذا التوجه العالمي صلة بكسب العديد من المعارف والمهارات والصلات الانسانية إلى جانب ما يعتري هذا التوجه الجارف من سلبيات، حاله حال كل المعطيات التي تفرزها متغيرات الأزمنة وأنماط الحياة المتجددة باستمرار»، لافتة إلى أن القضية تكمن في مدى وعي الإنسان واختياراته، وأنه في حقيقة تلك العلاقة تبرز ثلاثة أمور هي «الإدمان على التعامل مع ذلك المحتوى، واستهلاك الوقت، والجنوح بالمحتوى ذاته إلى الضحالة والخواء الفكري».
وأشارت البناء إلى أن الإدمان بصفة عامة هو حالة مرضية معقدة لا بد قبل معالجتها من دراسة جذورها ومسبباتها، مبينه أن الفراغ والضياع اللذين يعيشهما أغلب الشباب العربي سيكونان جذرين من جذور هذه الحالة، داعية إلى ضرورة قياس قيمة الوقت الذي يمضيه الشباب في انسياق التعامل مع المحتوى الرقمي ومدى تأثير خسران هذا الوقت من حياتنا اليومية.
وتابعت: «المحتوى الرقمي مفتوح أمام الشباب، والأغلبية العظمي تمتلك أكثر من جهاز يتم تناقل المحتوى الرقمي من جهاز لآخر كي لا تفوت دقيقة خارج هذا المحتوى، مما يعني تسخير ساعات النهار وربما الليل للانشغال بهذا المحتوى الرقمي، فأي وقت ترى للدراسة أو العمل وبقية أمور الحياة الأخرى، وفي الغالب وجد الشباب في المحتوى الرقمي والتواصل الاجتماعي متسعا للتنفيس عن كل شيء مادام يتم الاختباء خلف قناع الاسماء المستعارة، مما سهل الجنوح بهذا المحتوى في الأغلب الاعم نحو عبثية الأفكار والتصرفات، مما ساعد على نمو ضالة وخواء فكري».
واختتمت البناء قائلة «هناك كثيرون يعتقدون أن ما يحدث لشباب اليوم هو نفسه ما كان يحدث لشباب أجيال الماضي في انشغالاتها بالموجات الاجتماعية والسياسية والفنية الطارئة التي أخذت مداها في فترات وبردت وزالت مخلفة القشور، وأنه لا داعي للهلع والاعتقاد بالتأثيرات السلبية المخيفة لاكتساح المحتوى الرقمي وتسيده لكل اهتمامات الشباب، غير أن التسطيح الحاصل لأغلب استخدامات هذا المحتوى واستغلالها في نشر وتداول التفاهات والنكات البذيئة واستعراضات الذات والصور ومقاطع الفيديو الفاضحة، سيكون له أثر بالغ في ثقافة الشباب وسلوكيات العديد من فئاته، وقد يمكن ذلك من الاستعداد للانحلال وفساد الاخلاق مما يستوجب الحيطة والحذر وانتهاج اساليب تربوية مبتكرة للمعالجة.
المداخلات
بعد الانتهاء من قراءة الأبحاث فُتح باب المداخلات، وكانت البداية مع الدكتور فايز الشهري من المملكة العربية السعودية، حيث قال: ثبت أن الشباب هو القلب والفكر، وعاب طرح استغلال المحتوي الرقمي المعرفي من أجل الاستغلال التجاري، حيث إن الأولوية القصوى تكون لتنمية المعرفة والتطوير... وإرجاء موضوع الاستثمار إلى مراحل لاحقة، حيث إنه إذا دخل التاجر سيتحول الفضاء الإلكتروني سيركا مبتعدا عن هدف الإعلام المعرفي المنضبط والثورة الرقمية الواضحة.  معتبرا أن موقع تويتر هو أكثر مواقع التواصل الاجتماعي من حيث المشاكسات الفكرية.
وتساءلت الدكتورة آمال القوامي - تونس :هل طرق التنشئة في الأسرة تؤهل الشاب أو الفتاة لدخول مغامرة الوسائط الاجتماعية؟ إن الأمر يحتاج إلى إعادة النظر لعدم توفيرها لجهاز مناعة قادر على تحصين الشباب عند إبحارهم في هذه الشبكات؟
واعتبرت أن نسبة كبيرة من مستخدمي تلك المواقع والذين يدخلون إلى هذه الشبكات غير مؤهلين بالمرة حيث إنهم يستخدمونها في بث المواد دون رؤية استراتيجية ودون تأطير لعملية المشاركة وإدارة المحتوى.
وتساءلت د. نهاوند القادري: كيف يمكن دراسة المحتوى الرقمي في عالم الإنترنت؟ مضيفة أن فلسفة صناعة الوسائط هي أبعد بكثير من فلسفة الحرية بعد الأنوار، حيث تتخطى الدول والحكومات، معتبرة أنها فلسفة شركات عابرة للقارات، لافتة إلى أن المعرفة في الوقت الراهن هي ملك لمجموعة منصات تحتكر المعلومات.
ويرى صلاح أحمد أن لشبكات التواصل الاجتماعي تأثيرا كبيرا على فك وعقل الشباب وصل إلى حد الالحاد، وساعد في ذلك الظروف الاقتصادية والسياسية السائدة حاليا.
وأكد أنه لدراسة أي ظاهرة متعلقة بالشباب في المجتمع تجب دراسة تلك الوسائل، حيث يعبر الشباب عبرها عن تطلعاته وأحلامه.
وقال خليل علي حيدر: إن «المعرفة حاليا يتم الصرف للحصول عليها»، لافتا إلى أن المنافسة في توفير المعرفة قد تعمل على تخفيض كلفتها، مؤكدا أنه على الرغم من أن وسائل التواصل متاحة إلا أن الفكر لايزال مقيدا بالقيود المختلفة التي تسود العالم العربي وعدم وجود الحريات.
وأضاف: إن الوطن العربي لا يتقدم فكريا بشكل جيد بسبب تلك القيود، ولهذا يقوم بإنتاج الثقافات نفسها.
وقال د. شريف اللبان: «إن شبكات التواصل التي كانت تستخدم للأغراض الاجتماعية غيرها المصريون والتونسيون إلى شبكات للحشد والتعبئة في مقدمات ثورات الربيع العربي، ثم للأسف الشديد استطاع البعض أن يحول الثورات إلى وجهات نظر لتتحول إلى إشكاليات أكثر منها شبكات».
وأوضح أن عدد مستخدمي «الفيس بوك» في مصر بلغ 27 مليون مستخدم لتتبوأ المركز الأول عربيا.

Happy Wheels