المحور الثاني: صورة العربي في السرد الغربي المعاصر

18 يناير, 2015

 الشخصية العربية في السرد الغربي المعاصر.. هامشية

المحور الثاني ناقش 5 أبحاث من واقع 5 دول غربية

ناقشت الندوة  الفكرية لمهرجان القرين الثقافي الـ 21 خمسة أبحاث في المحور الثاني بعنوان (صورة العربي في السرد الغربي المعاصر) وفي جلسة ادارتها د. ابتهال الخطيب، تحدث كل من د. منال حسني أستاذ اللغة الفرنسية بجامعة الخليج للعلوم والتكنولوجيا عن " العربي في الرواية الفرنسية" وتحدثت د. ابريل ناجاج عن " العربي في الرواية الامريكية".

البداية كانت مع د. منال حسني والتي تقول في مقدمة بحثها: إن علاقة فرنسا بالعالم العربي طويلة ومعقدة، كذلك صورة العربي الذي ظهر في الأدب الفرنسي منذ بداياته في العصور الوسطى كنتيجة طبيعية للقرب الجغرافي النسبي مع عرب الأندلس من ناحية، وللحروب الصليبية من ناحية أخرى. ونتيجة هذا القرب الجغرافي، استخدم الأوروبيون عامة والفرنسيون خاصة العالم العربي بشكل صدامي كشاشة لعرض قلقهم وصراعاتهم بشأن هويتهم وما هم عليه، وكمرآة يستطيعون من خلالها تبني الخصال التي تجعلهم في صورة أحسن بالتشديد على مدى اختلاف ونقص العربي. فصورة هذا الآخر القريب مكانا والبعيد جوهرا مرتبطة بشكل ما بالصورة التي يرى عليها الفرنسي ذاته، وبمدى توافر عناصر الصراع بينه وبين هذا الآخر، مما يجعله يتقبل أو يتذمر من إحساس المغايرة. لذا فهذه الرؤية تختلف باختلاف الحقبات وباختلاف أصل هذا العربي وعلاقته الآنية بالواقع الفرنسي.


العربي في الرواية الفرنسية

واكدت الدكتورة منال حسني بان فرنسا تربطها علاقة طويلة ومعقده مع العالم العربي ظهرت في الادب الفرنسي منذ بدايات العصور الوسطى كنيجة طبيعية للقرب الجغرافي النسبي مع عرب الاندلس من ناحية وللحروب الصليبية من ناحية اخرى، وأنه نتيجة هذا القرب الجغرافي استخدم الاوروبيون عامة والفرنسيون خاصة العالم العربي بشكل صدامي كشاشة لعرض قلقهم وصاعاتهم بشان هويتهم وما هم عليه.

وقالت حسني ان بداية الظهور العربي في السرد الفرنسي كانت   بظهور شخصية العربي الجزائري في السرد الفرنسي من خلال القصص والروايات الخاصة بالأطفال والشباب ما بين سن العاشرة والسادسة عشرة وهي قصص وروايات مغامرات أبطالها من الفئة العمرية نفسها وتدور أحداثها في الجزائر، مشيرة انه  كان لهذه المؤلفات الواسعة الانتشار أثر عميق في تشكيل وعي أجيال كاملة من الفرنسيين وفي رسم صورة ذهنية لهذا الآخر العربي ويمكن للباحث أن يلاحظ أن كل هذه النصوص على اختلاف مشارب كتابها، تشترك في بعض المضامين المكررة .


العربي في الرواية الأمريكية

وفي البحث الثاني المعنون بـ "العربي في الرواية الأمريكية" قالت الدكتورة ابريل ناجاج أستاذ التاريخ بجامعة بوسطن إن المواقف والفرضيات التي انتشرت في الأدب الشعبي فيما يتعلق بالعرب والشرق الأوسط بشكل عام كان تغيرها محدودا جدا، مشيرة إلى ان هذا الأمر يعود إلى الماضي البعيد وإلى العصور الوسطى وحتما إلى العصر الحاضر مع استمرار تأثير الاستشراق حيث ينظر غالبا إلى الشرق الأوسط من قبل الأمريكيين من منظور مزدوج محمول من أيام الحرب الباردة حيث كان كل شيء في السياسة بعقلية الأبيض والأسود مع أو ضد وهذه العقلية لاتزال حاضرة في سياق السياسة الأمريكية إلى يومنا هذا.

وأشارت ناجاج إلى ان ان الذاكرة التاريخية الغربية تمثل المسلم الذي "يحمل السيف" صارخا كالرعد عبر مضيق جبل طارق أو يفرض الحصار على فيينا الرجل القديم في الجبال مع القتلة الذين يعيشون على المخدرات وقد جندوا لقتل القادة السياسيين وتجار الرقيق الأبيض وقراصنة برابرة قد تجسدت من جديد على هيئة قراصنة طائرات ومفجري السفارات وهم يخلقون ببشاعة خطوط غاز طويلة.

وحول تاثير احداث يوم 9/11  على القصص الشعبية  قالت: كان الارهابيون بديلا عن الروسيين في  اختيارهم في الرواية السياسية أو روايات الجاسوسية المشوقة وهؤلاء الإرهابيون غالبا ما يكونون عربا و أو مسلمين يأخذون أدوارا أهم وأكبر في الكتب  ودائما كأشخاص سيئين وهم دائما من يخسر في النهاية.

 

العربي في الرواية الانجليزية

وفي جلسة أدارها د. هيثم الحاج علي، واستكمالات للمحور الثاني حول صورة العربي في السرد الغربي المعاصر، تحدث كل من: د. إكرام الشريف عن العربي في الرواية الانجليزية ، د.خيري دومة عن العربي في الرواية الغربية، د.أحمد عبدالعزيز عن العربي في الرواية الاسبانية، والحديث بدأ من عند الدكتورة إكرام الشريف الأستاذ المساعد بجامعة الخليج للعلوم والتكنولوجيا وقد بحثت حول (المسلمون في الأدب الإنجليزي من القرن ال16 إلى ال19 ميلادي) وفي التفاصيل تقول إن العرب والمسلمون والشرق أوسطيون مفردات تستخدم غالبا في وسائل الإعلام الدولية والثقافة الشعبية بشكل متبادل وكأنها تحمل المعني نفسه مما يؤدي الى مشكلة تضارب وخلط بين مدلولاتها في أذهان الناس العاديين وخاصة في الغرب، على الرغم من حقيقة أنه ليس كل العرب مسلمين وليس كل الشرق أوسطيين عربا وليس كل المسلمين عربا إلا أن وسائل الإعلام لا يقومون فقط بالجمع بين هذه المفردات بغض النظر عن التاريخ والعلاقات الخاصة بالعرق أو القومية أو اللغة، لكن ايضا غالبا ما تكون مقولبة بشكل سلبي.

واوضحت الشريف أن بعض الكتاب الغربيين يحللون صورة العرب والمسلمين في أفلام هوليود بدءا من الأفلام الصامتة إلى الوقت الحالي غالبا ما تمثل الرجل العربي كقاتل متوحش ومغتصب او متعصب ديني ومثلت المرأة العربية بعديد من الصور التي تحط من قدرها.

 

العربي في الرواية الاسبانية

وفي البحث الرابع الذي قدمه أستاذ الأدب المقارن بجامعتي القاهرة والطائف الدكتور احمد عبدالعزيز حول (صورة العربي في الرواية الاسبانية المعاصرة) قال إن صورة العربي في الأدب الإسباني تشكلت من عدة عوامل وأهمها ديوان الحكايات والأغاني الشعبية الذي انعكس عليه الصراع الدائر بين الشعبين العربي المسلم والأوروبي المسيحي، والعامل الثاني هو الاستعمار في العصر الحديث الذي لعب دورا خطيرا في تشكيل صورة العربي المسلم في العالم، حيث سخر الاستشراق في خدمة أهدافه وقد نتج عن ذلك تصوير الشرق والإسلام بتصورات خاطئة مملوءة بالمغالطات وقدم صورا للاستعلاء الغربي على العرب والإسلام.

 وتابع ان تلك الموجة من الاستشراق أو الاستعراب الإسباني المواكب للاستعمار سرعان ما راحت تخبو لتخلفها حركة المستعربين الإسبان الجدد العادلين في منتصف القرن العشرين.

واشار ان الصورة في الأدب الإسباني امتدت لتشمل الأنواع الأدبية كلها شعرا ومسرحا وملحمة ورحلة ورواية وظل الجانب الأسطوري يطل برأسه بين الحين والآخر مشيرا ان ثمرة حركة المستعربين الإسبان الجدد مثلت في جانبين في صورة فتح الأندلس من جانب وتصوير نهاية الأندلس من جانب آخر.

 

العربي في الرواية الغربية

وفي البحث الخامس والأخير من المحور الثاني حول (صورة العربي في الرواية الغربية) يقول الدكتور خيري دومة أستاذ اللغة العربية بكلية آداب القاهرة، إن الصورة النمطية للعربي التي رسخت في وعي الأوروبيين لقرون لا تحضر في فن الرواية إلا في شخصيات ثانوية عابرة مسطحة يستخدمها الكاتب الغربي في جملة ويفهمها القارئ على الفور ثم يمضي في طريقه لاستكمال العمل!

 واضاف دومة ان هذه الشخصيات الثانوية تحتاج إلى دراسة موسعة في الروايات الغربية، أما حين يتحول العربي إلى بطل للرواية فيصعب تماما تحويله إلى شخصية نمطية من دون أن يضر ذلك ببناء الرواية وعمقها، ذلك أن البطل هو العنصر البنائي الأساس في فن الرواية ولا إمكانية لرسم هذا البطل من دون تجسيد للطابع الإشكالي الملازم لصورته.

واشار إلى أن الصورة الذهنية التي صنعها العرب والغربيون أحدهما للآخر صورة مركبة ومتعددة الوجود إلى أبعد حد، وهي نتاج لتراكم طبقات مستمرة من العلاقات التاريخية والجغرافية والسياسية والعسكرية والثقافية بين الطرفين منذ العصور الوسطى الأوروبية المسيحية، زمن الحروب الصليبية على المشرق العربي والإسلامي.

واختتم دومة حديثة وبحثه بصورة صادمة للعربي والمسلم (الكافر والشهواني والبدائي) وقال إن هذه الصورة ترسخت في الرواية الغربية حتى أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وفي بداية القرن الحادي والعشرين وما أعقبها من جماعات تنشق عنها الأرض حيث ترسخت صورة العربي (أصوليا وارهابيا وشهوانيا).

Happy Wheels